التغيُّرات القادمة!

أبو بكر الطيب
بين الطموح المشروع والمصلحة العامة، يكون التمسك بالمناصب وعدم الرغبة في مغادرتها. كانت المناصب في السابق وسيلةً لخدمة المجتمع وتحقيق الإصلاح، ولكن في زمننا هذا، هناك من يرونها ملكيةً خاصة يتمسكون بها مهما كانت الظروف، غير مبالين. والمشكلة الحقيقية ليست فقط في هؤلاء الذين يتشبثون بالكراسي، بل في الثقافة المجتمعية التي تسمح لهم بذلك، كما يحدث الآن في المجتمع الرياضي، حيث تضعف القوانين ويتم تطويعها أو تغييبها، بوعي أو بدون وعي، لمصلحة فئة معينة، فقط لأنها تدفع أكثر!!!
لذلك، تساهل البعض معهم في التمسك بالمناصب، رغبةً منهم في السلطة وبسط النفوذ، حتى صار بعضهم يجد في المنصب وسيلةً للسيطرة واتخاذ القرارات التي تعزز مكانتهم. فأصبح المنصب مصدرًا للثروة أو الامتيازات، مما يجعل التخلي عنه بمثابة خسارة شخصية كبيرة!!
من الملاحظ انعدام أو غياب ثقافة التداول السلمي للسلطة في الأندية والاتحادات الرياضية، فالجميع يفتقد لهذه الثقافة وينظر إلى ترك المنصب على أنه ضعف أو فشل، بينما في الحقيقة هو تجديد واستمرارية. كما نجد أن الوسط الرياضي يعاني ويتهاون ويتساهل في فرض القوانين على المتفلتين، ويخضع لقانون الوساطات والجودية حتى في أخطر القضايا وأهمها، مما أضعف الرقابة والمساءلة عند الحاجة إلى تطبيق القوانين الصارمة لحسم المشكلات.
كذلك، من الأسباب التي دفعت البعض للتمسك بالمناصب جمود الأندية الرياضية والاتحادات وغياب التطوير وعدم التجديد في القيادات، مما أدى إلى غياب الأفكار الجديدة والخبرات المتنوعة، وبالتالي قتل الطموح لدى الأجيال الشابة. في كثير من الأحيان، يحجم الشباب عن الترشح للمناصب الرياضية، لأنهم يرون أن هذه المناصب محتكرة لمن يدفع، فيفقدون الأمل في تحقيق طموحاتهم.
ومن أكبر التحديات التي تواجه المجتمع الرياضي انتشار الفساد والمحسوبية، حيث أصبحت العلاقات الشخصية هي المسيطرة، وزولي وزولك، وكلنا نتابع ونشاهد كيف أنه كلما طالت مدة الشخص في المنصب، زادت احتمالات استغلاله لتحقيق مصالح شخصية وتكوين شبكة مصالح خاصة. كما نرى في الاتحاد العام، حيث كم من أشخاص عمروا أرصدتهم وامتلكوا الشقق والسيارات، وقد أتوا إلى الاتحاد حفاةً عراةً لا يملكون شيئًا!!!
إن وقت الحساب قد دنا مع بناء سوداننا الجديد، وكل من يرى أن المنصب حق شخصي لا يجوز التنازل عنه، نذكرهم بأن الزمن لا يتوقف لأحد، وأن الأوطان تُبنى بالتداول المستمر للقيادات والخبرات. فلا تتعشَّموا في البقاء في السلطة، وتذكروا أنه مع إشراقات سوداننا الجديد، أنتم زائلون، فأشرف لكم أن تترجلوا قبل الهزيمة حرصًا على المصلحة العامة.
ونذكّركم للمرة الثانية بأن لكل مرحلة احتياجاتها، ونريد جيلًا أكثر ملاءمة لعصره، فاحترموا تداول السلطة وأفسحوا المجال لغيركم قبل أن يجبركم الزمن على تركه.
وأهلك العرب قالوا:
“لو دامت لغيرك ما وصلت إليك.”
فالرجال تُعرف عند مغادرتها لا عند بقائها، ومن لا يترك المنصب بإرادته، سيتركه رغمًا عنه.
والله المستعان.