الرأي

للقمة حسابات تختلف

صوفي أبو سمرة

اقترب موعد لقاء القمة حتى بات على بعد ساعات، وكالعادة، يسيطر الديربي الأمدرماني في الدوري الموريتاني على الأجواء بين الرياضيين داخل السودان وخارجه. على المستوى الجماهيري، لا شيء سوى تلك العاطفة المشبوبة بالحذر والترقب، والمخاوف أحيانًا والتفاؤل أحيانًا أخرى. وبين المتابعين وأصحاب الرؤى الفنية، تظهر التوقعات والقراءات والتحليلات بناءً على واقع يرونه بنظرة الخبير، وهؤلاء يحكمهم الورق ولغة المنطق. لكن القمة عادةً ما تغالط المنطق وحسابات الورق. أما على المستوى الإداري والفني للفريقين، فهناك تحضيرات مكثفة، ومزيد من الإعداد، وبناء الخطط على ما لديهم من كروت رابحة يُعوّل عليها كثيرًا في ترجيح الكفة، إلا أن للميدان أيضًا حساباته الخاصة ورأيًا يختلف تمامًا.

في لقاءات القمة، لا ثبات ولا اطمئنان ولا تكهنات، فمن التجارب العديدة السابقة في مواجهات المريخ والهلال، ثبت أن نتيجة الديربي غالبًا ما تكون خارج نطاق التوقعات والتحليل، حيث لا تخضع لمعايير الجاهزية والاستعداد الفني للفريقين، بل تأتي أحيانًا بنتائج مغايرة تمامًا لما كان متوقعًا. في هذه المواجهات، تحكم النتيجة عوامل آنية ومستجدة، مثل الثبات الانفعالي، والحضور الذهني، والاستعداد النفسي، والتفوق البدني، إضافةً إلى دوافع مصاحبة تولدها اللحظة وفقًا للمتغيرات داخل أرض الملعب.

المريخ والاستعداد للديربي
بدأ المريخ تحضيراته لمباراة القمة قبل وقتٍ كافٍ، وسط اهتمام إداري وفني متزايد، وحماس وعزيمة على تحقيق الفوز وإهدائه لجماهيره الوفية، التي عانت كثيرًا في ظل التدهور المريع في مستوى الفريق خلال الجولة الأولى من الدوري الموريتاني، فضلًا عن خسارة لقاء القمة السابق. هذا الأمر دفع اللاعبين والجهاز الفني إلى مضاعفة الجهد، والتحلي بروح الشعار لتعويض الأنصار بأداء قوي ونتيجة مريحة ومستحقة. وما يدعو إلى التفاؤل أكثر، أن المدير الفني للمريخ، الصربي ميتشو، لديه خلفية جيدة عن لقاءات القمة وخبرة ممتازة اكتسبها عبر مواجهات سابقة خاضها باللون الأزرق، لكنه هذه المرة يعود ليقود المريخ بالشعار الأحمر. والندية تبقى كما هي، والمنافسة المحمومة في مباريات القمة السودانية لا تزال في أعلى مستوياتها، حيث يسعى كل مدرب إلى إثبات كفاءته، لأن هذه اللقاءات تعد محكًا حقيقيًا لاختبار الجدارة، وحسن التوظيف، والقدرة على قراءة المباراة بشكل صحيح. يعلم ميتشو جيدًا ماذا يعني الانتصار في الديربي، وما يترتب عليه من استقرار إداري وفني، ورضا جماهيري، واعتلاء عرش الكرة السودانية حتى موعد القمة القادمة.

مباريات القمة.. بطولة داخل بطولة
تُعد مواجهات القمة بمثابة بطولة قائمة بذاتها داخل الدوري، ولها حساباتها المختلفة، حتى بين نجوم الفريقين. كم من لقاء بين العملاقين كان ميلادًا لنجم جديد؟ وكم من مواجهة أخرى تسببت في أفول نجمٍ كان لامعًا؟ لذا، يخوض اللاعبون هذه المباريات بدوافع شخصية متباينة، حيث يرونها فرصة لإثبات الذات، وتحقيق مجد شخصي، وكسب ثقة الجماهير، التي دائمًا ما ترتبط نجوميتها بمثل هذه اللقاءات، وتظل متأججة حتى يحين موعد التألق التالي.

على مستوى الإدارة الفنية والتنفيذية والقطاع الرياضي، بُذلت جهود مقدرة مؤخرًا لتصحيح الأخطاء وتلافي المعيقات التي صاحبت الموسم الماضي، وكذلك معالجة أسباب خسارة الديربي في الجولة الأولى. وقد انعكست هذه الجهود على تحسن ملحوظ في أداء الفريق، وبرزت عناصر قادرة على صنع الفارق في اللقاء المرتقب، مما رفع سقف التطلعات، وأعاد الأمل والثقة إلى جماهير المريخ، التي لطالما راهنَت على فريقها في كسب مباريات الديربي، حتى في أصعب الظروف. ولم يخذل زعيم البلد أنصاره أبدًا، فقد اعتاد أن يأتي من بعيد، ويقلب الموازين، ويخطف الأضواء بانتصارات ثمينة، حتى أصبح المريخ هو الطرف الأكثر فوزًا بلقاءات القمة على مر التاريخ.

الدعاء للوطن
اللهم انصر قواتنا المسلحة، وكل من تسلح لنصرتنا في أي شبرٍ من أرض الوطن، وهم يقاتلون باسم الشعب، دفاعًا عن الأرض والعِرض، ومن أجل عزة وكرامة السودان، الوطن الواحد الموحد، بإذنك يا الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: محمي ..