تجربة الدوري الليبي

تجربة الدوري الليبي
معاوية الجاك
كتبنا من قبل عن قرار الاتحاد الليبي لكرة القدم باعتبار اللاعب السوداني لاعبًا وطنيًا، وكيف أنه شكَّل صداعًا عنيفًا للأندية السودانية، ولم يسلم من هذا الصداع حتى ناديا القمة، المريخ والهلال، حيث تابع الجميع تسرُّب عدد من العناصر التي كانت تلعب بصفة الإعارة في الدوري الليبي، بجانب آخرين اتخذوا قرار خوض التجربة بعيدًا عن الإعارة.
المريخ عانى من القرار أكثر من الهلال، فقد ذهب التش إلى السويحلي الليبي دون أن يستفيد المريخ من الصفقة ماليًا، وسنعود لهذا الملف بالتفصيل.
الآن، ها هو لاعب المريخ محمد الرشيد يرفض اللحاق بالبعثة في موريتانيا لأنه يريد الرحيل إلى الدوري الليبي، ووصل “حمو” إلى مرحلة دفع الشرط الجزائي للمريخ مقابل إطلاق سراحه.
ثنائي المريخ، وجدي عوض وعوض زائد، يرغبان أيضًا في الذهاب إلى الدوري الليبي.
خماسي المريخ السابق، صلاح نمر، حمزة داؤود، التكت، أنس آدم، وأحمد آدم بيبو، اتجهوا صوب الدوري الليبي.
في الهلال، خطف الأهلي بنغازي الليبي اللاعب أبو عاقلة عبد الله بعد أن تلقى عرضًا ضخمًا يفوق عرض الهلال بمراحل.
المريخ عانى أكثر من قرار الاتحاد الليبي برفض عودة عدد من العناصر المُعارَة للعب في المريخ وبصورة قاطعة.
برؤية أخرى، قد يكون المريخ والهلال قد استفادا كثيرًا من قرار الاتحاد الليبي، وهذه الاستفادة جاءت من خلال العائد المادي بإعارة اللاعبين. ومن المعروف أنه في السابق لم يكن هناك أي طلب على اللاعب السوداني من العالم الخارجي، سواء العربي أو الإفريقي المحيط بنا أو البعيد.
توقفت رغبة الأندية العربية في طلب خدمات اللاعب السوداني منذ سنوات طويلة. ومن قبل، كانت هناك إعارة الكابتن محمد موسى المهندس للوداد المغربي، وإبراهومة وعبد الإله بشرى للدوري الكويتي، وإعارة عاكف عطا وبعده بشة للوحدة السعودي، كما كانت هناك إعارات للدوري المصري، مثل إعارة ريتشارد جاستن للإسماعيلي وكندورة للألمنيوم وغيرها.
في السابق، كان الدوري الإماراتي وجهةً لاحتراف عدد من اللاعبين السودانيين مثل بشارة عبد النضيف، والفاضل سانتو، ومصطفى النقر، وغيرهم، وبعدها توقفت التجربة نهائيًا، وتلتها إعارات قصيرة، مثل انتقال إيداهور إلى النصر الإماراتي.
نعود ونقول إن قرار الاتحاد الليبي، الذي جاء بعد نشوب الحرب في السودان، قد يبدو سلبيًا للبعض بسبب منع عودة اللاعبين، ولكن له أيضًا إيجابيات، مثل العائد المادي الذي أنعش خزائن الناديين. ولعل من أكبر الإيجابيات هو تجدد رغبة الأندية الليبية في شراء اللاعبين بصورة نهائية، مما زاد العائد المالي للمريخ والهلال.
فيما يتعلق برأي البعض ممن ينظرون إلى قرار الاتحاد الليبي من زاوية سلبية، نقول لهم إن الظروف الحالية، بسبب الحرب، شكلت ضغطًا ماليًا عنيفًا على إدارتي المريخ والهلال، ولم يكن هناك بدٌّ من بيع اللاعبين. وحتى قرار البيع النهائي جاء لسببين: الأول، الرفض التام للاعبين للعودة إلى الأندية، والثاني، أن ما تمَّ يأتي في إطار التسويق، وهذا يُعَدُّ من أدوات استجلاب الموارد المطلوبة في إدارة الأندية، خاصة في السودان، حيث لا توجد استثمارات ولا موارد تعود بالمال على إدارتي الناديين. لذلك، المطلوب من الجمهور التعامل مع هذا الأمر كواقع ماثل لا فكاك منه.
هناك بعض الأصوات التي ظهرت مؤخرًا تنادي بضرورة مخاطبة الاتحاد السوداني لنظيره الليبي لإلغاء قراره، ونعتقد أن هذه المطالبة فيها ظلم كبير للاعبين، لأنه في حال تنفيذها سيتم إغلاق باب رزق لهؤلاء اللاعبين الذين تعتمد عليهم كثير من الأسر، بجانب التزاماتهم الخاصة الأخرى. كما نلفت الانتباه إلى أن ليس كل اللاعبين الذين استفادوا من هذا القرار وينشطون في الدوري الليبي يلعبون للمريخ والهلال فقط، بل هناك لاعبون كُثُرٌ ينشطون في أندية أخرى واستفادوا من القرار، ومن الظلم أن يفقدوا مصدرًا مهمًا للرزق، خاصة وأنهم يتلقون عروضًا أفضل بعشرات المرات من تلك التي يتلقونها من أنديتهم المحلية.
علينا أن ندع الأمور تسير كما هي، وأن يكون التنافس مفتوحًا دون قيود حتى تعم الفائدة، خاصة في ظل ظروف الحرب في السودان وتوقف النشاط. وحتى لو عاد النشاط، فسيكون متعثرًا ويفتقد لكثير من الإيجابيات، كما أن مشاركة لاعبينا في الدوري الليبي شكلت لهم فرصة كبيرة للاستعداد التام للمشاركة مع منتخبنا الوطني.