الوطن ينتصر!

الوطن ينتصر!
محمد الطيب كبور
عبارة “كلمة حق أريد بها باطل” تتناسب تمامًا مع ديمقراطية آل دقلو المزعومة، التي خدعوا بها بعض السُّذَّج، بالإضافة إلى النفعيين قبل الحرب، في محاولة لتحسين صورة مليشيا الدعم السريع عبر التغلغل في مفاصل الحياة السودانية، مستغلين العديد من المشاريع الخدمية لتلميع صورتهم، تمهيدًا لتنفيذ أجندتهم للسيطرة على السودان. وفي سبيل ذلك، لجأوا إلى العديد من الأساليب، من بينها الإغراء بالمال، وغيرها من الوسائل المدعومة من جهات داخلية وخارجية.
لأجل تحقيق هذه الأهداف، أنفقوا الكثير، ولهذا فإن أصدق ما قرأت هو جملة مختصرة لخَّصت هذه الحكاية في قصة قصيرة تقول: “سأل أحدهم: لا أعجب كيف استطاع قائد هذه المليشيا إقناع كل هذا العدد؟ فأجابه محدثه: لا تنسَ أنه كان أشرَ تاجر حمير!”. بالفعل، تعكس هذه الإجابة عمق الحقيقة، حيث أدرك هذا الماكر كيف يسوِّق مشروعه بشراء المؤيدين له، وكلٌّ منهم بثمنه. بعضهم كان عالي الثمن لكنه عديم القيمة، لأن من يبيع وطنه يصبح بلا قيمة.
وإن تمَّت مساومته بناءً على فيديوهات أو تسجيلات أو أي مستندات إدانة، فإن إنقاذ الوطن يجب أن يكون مقدمًا على النفس، لكن هذه النخوة غير متوفرة لدى عديمي الوطنية. فكل ما يجري اليوم على الأرض السودانية، في الخرطوم والجزيرة والأبيض ودارفور، وفي كل شبر دنسته المليشيا، لا بد أن يحرك جينات الوطنية في قلب كل سوداني حرٍّ خُدِعَ سابقًا بهذه المليشيا.
بعد أن مارس التمرد كل أشكال القهر على الشعب الأعزل، وارتدى قناع الديمقراطية، انكشف زيفهم، وتحولت حياة المواطنين إلى معاناة دائمة، حتى في الحصول على الضروريات. اضطر المواطن إلى ركوب الدواب بدلًا من سيارته، خوفًا من أن تُنهَب في حال تحرك بها، فيما طالت عمليات النهب المستشفيات والصيدليات وكل المؤسسات الحيوية، مما دفع المواطنين إلى البحث عن الطب البديل والتداوي بالأعشاب، بسبب انعدام الأدوية وشحِّ الأموال، بعد توقف الأعمال والرواتب.
عبر القنوات الداعمة للمليشيا، يتم استضافة المنافقين الكبار من أنصار التمرد، ليكذبوا وهم يتحرّون الكذب، فيكتبهم الله كذَّابين، تلاحقهم دعوات المظلومين، من الأمهات الثكالى، والآباء الصابرين، وكل جموع الشعب السوداني، الذي رأى حقيقة ديمقراطية آل دقلو، التي أعادتنا إلى عصر الدواب والتداوي بالأعشاب، تحت نظام حكم الغاب بقوة السلاح. وهنا، لا يجب الحديث عن الشجاعة، لأن الميزان مختلٌّ في مواجهة شعب أعزل. لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ابتلاء عظيم، وبإذن الله، رغم كل شروره، نسأل الله أن يكون فيه الخير، إيمانًا بوعده الحقِّ: “إنَّ مع العسر يسرًا”. وإن شاء الله، سيتعافى السودان بعد هذه المحنة، وتعود بلادنا آمنة مستقرة، تنشد التطوير. قولوا آمين. وبفضل الله، ثم بجهود رجال القوات المسلحة والقوات المساندة، يجري الآن تطهير الوطن من هذه المليشيا المجرمة الآثمة، التي روَّعت الآمنين، وقتلت، ونهبت، واغتصبت الحرائر، ولم تترك جريمة إلا وارتكبتها. بإذن الله، إلى زوالٍ في القريب العاجل، وسيتم تطهير الوطن بالكامل.
أكثر وضوحًا
امتحانٌ قاسٍ مرَّ به الشعب السوداني الكريم، ورغم كمِّ المعاناة والنزوح، إلا أن الصبر كان حاضرًا، وروح التكافل عززت فرص الحياة. وهذه ميزةٌ قلَّ أن تجدها في شعبٍ غير الشعب السوداني.
التكافل ليس حكرًا على العائلة فقط، بل امتدَّ ليشمل كل ذي سعة، فتجدهم يمدون يد العون، فانتشرت التكايا في كل مكان، وتعددت أشكالها، وتسابق رجال الأعمال لتوفير لقمة العيش للمحتاجين، محققين ما عجزت عنه المنظمات.
أما الناشطون في أعمال الخير، فقد كان إسهامهم عظيمًا، إذ يتواصلون مع الجميع عبر الحسابات البنكية، لضمان استمرار نار التكايا متقدة في عطاءٍ غير منقطع. عملٌ كبير يؤكد عظمة هذا الشعب الحر.
هذه التكايا سدت رمق الكثيرين، وأعانت جموعًا تقطعت بها السبل بعد توقف الأعمال، ونهب الأموال. وفي لحظة الشدة، برزت معادن الرجال، وظهرت أسماءٌ هي للعطاء يدٌ مانحة، نسأل الله أن يثيبهم خير الثواب.
مجرد سؤال
تقبلوا وين؟ وكل الأرض كاكي أخضر؟