خليك واضح

الرماديون!

محمد الطيب كبّور

أسوأ الصفات هي الحياد عندما يتعلق الأمر بالوطن، حينها يجب أن تكون المواقف واضحة وليست على شاكلة “مسك العصا من النصف”، تميل مع ميلان الكفة، معركة الكرامة ميّزت الصفوف تمامًا، وحتى الذين حاولوا التخفي خلف الحياد انكشفت حقيقتهم، لأن الأمر لا يحتمل الوقوف في المنطقة الرمادية.

الاصطفاف خلف الجيش حامي الوطن وترديد شعار “شعب واحد جيش واحد” هو الدافع المعنوي لقواتنا الباسلة التي كتبت بدماء الشهداء، ومنها ارتوت أرضنا الطيبة، وحفظوها من الضياع، وأعادوا بدمائهم الطاهرة سيادة السودان وعزّة شعبه الكريم.

عندما ساندنا شعار “بل بس” لم يكن لأننا لا نريد السلام، ولكن حينها لم يكن هناك خيار؛ فالمليشيا انتشرت كالسرطان بقوة السلاح، وارتكبت الفظائع، وظلت تتمادى دون خلق أو دين. ووقتها لم يكن يجدي سوى الجهاد ولو بكلمة “بل بس”، والتي كان لها مفعول السحر، لأنها هزمت صلف التمرد اللئيم الذي ظن أن هذا الشعب سيرضخ، ولكن هيهات، فهذا الشعب الأعزل قاوم الأسلحة المتطورة بإيمان كبير.

والرماديون رفعوا شعار “لا للحرب” ولم تكن لديهم الجرأة لتوجيه النقد للمليشيا وتعدياتها الواضحة، والتي وثّقوها هم أنفسهم، وظل الرماديون في المنطقة الوسطى، ومع ميلان الكفة في الشهور الأولى، والمليشيا تحكم سيطرتها وتمارس كل الانتهاكات، سارع الرماديون لإدانة طيران الجيش بدلًا من إدانة المليشيا التي اجتاحت المدن والقرى الآمنة، وروّعت ساكنيها، وشردتهم، وقتلت الكثير من المواطنين العزل.

الآن بعد أن دانت السيطرة للجيش، تغيّر موقف الرماديين، وباتوا يخطبون ود الجيش بدون خجل. وهذا طبعهم؛ فهم انتهازيون تهمهم مصلحتهم فقط. ومن خير هذه الحرب رغم شرها الكبير، أنه تمايزت الصفوف والمواقف. حقيقة فاضحة، وأمثال هؤلاء لا مكان لهم بيننا.

أكثر وضوحًا

الرماديون بينهم متعاونون انتهزوا الفرصة، وبعضهم عمل في الخفاء طمعًا في عرض الدنيا، وبحجة “نحن في مناطق سيطرتهم نعمل شنو”، بلّغوا عن جيرانهم، وملكوا الغزاة معلومات عن السكان.

شاركوا في السرقات، وبعضهم كان يبيع المعلومات في الخفاء ظنًا منهم أنهم بعيدون آمنون في منطقتهم الرمادية هذه. وذات الخفاء كانت العيون ترصدهم، والمعلومات بشأنهم تُرفع. ناهيك عن العمل الاستخباراتي والأمني، فإن صفحات المواطنين الشرفاء وثّقت كل شيء تحت عنوان “أفضح متعاون”.

نعم، خُذلنا في أشخاص كُثُر، فيهم الجار والصاحب والزميل، ولكن لن نتحسر عليهم؛ لأنهم عاشوا بيننا بوجهين، وحتمًا سينالون ما يستحقون في الدنيا وفي الآخرة، وهم شركاء في كل الجرائم التي ارتُكبت بحق الشعب السوداني.

نحمد الله ونثني عليه على الانتصارات التي تتحقق الآن، ولم يساورنا شك في نصر الله للحق. وهو العدل الذي لا يُظلم عنده أحد، وبإذن الله يعود السودان أقوى وينهض من جديد، ولا عزاء للرماديين الانتهازيين.

ما فقدناه لا يساوي شيئًا أمام الهوية، وأمام نعمة الوطن التي لا تُقدّر بثمن. وكل شيء يتعوض، ولكن الوطن لا يمكن تعويضه بشيء. وما أقسى النزوح واللجوء، وما أصعب الفرقة والشتات…

غدًا نعود كما نود… وغدًا تزهر الورود… وأرضنا بالخير تجود… حقًا إنها لحظات تستحق الشكر والسجود.

مجرد سؤال

كنتوا عايشين وسطنا كيف؟؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: محمي ..