بين عبقرية “الاكتشاف” وسذاجة الوهم!
أبو بكر الطيب
هل سيصعد السودان إلى المونديال عبر الشكاوى؟
لا يختلف اثنان على أن كرة القدم تُحسم داخل المستطيل الأخضر، وأن الفرق التي تطمح للوصول إلى كأس العالم لا تُراهن على ثغرات قانونية أو أخطاء إدارية لخصومها، بل تسعى لحجز مقعدها بعرق لاعبيها وجهدهم داخل الملعب، لكن يبدو أن بعض إداريي الكرة السودانية ما زالوا يعيشون في عالم الأحلام، حيث يعتقدون أن المونديال يمكن أن يأتي عبر “شكوى” وليس عبر الانتصارات المستحقة.
خرج علينا السيد أسامة عطا المنان، رئيس لجنة المنتخبات الوطنية، مبشرًا الأمة السودانية بـ”اكتشافه الخطير” حول عدم أهلية مشاركة اللاعب السنغالي أساني دياو، وكأنما عثر على كنز دفين سيمنحنا بطاقة التأهل إلى كأس العالم بمجرد تقديم الشكوى. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل يمكن أن يكون الاتحاد السنغالي بهذا الغباء الإداري ليسقط في خطأ ساذج يطيح به من التصفيات؟
هل المنتخب السنغالي بهذه السذاجة؟
منتخب السنغال، أحد كبار الكرة الإفريقية، صاحب الخبرات الطويلة، والمشارك في آخر مونديال، والمدعوم بواحد من أكثر الاتحادات تنظيمًا في القارة، هل من المعقول أن يرتكب خطأً بهذه البدائية؟ هل يعقل أن يعتمد لاعبًا غير مؤهل دون مراجعة الفيفا؟
الاتحاد السنغالي أعلن سابقًا حصوله على موافقة الفيفا لمشاركة اللاعب، ما يعني أن الأمر محسوم قانونيًا، إلا إذا كان السيد أسامة عطا المنان يرى نفسه أذكى من الإداريين السنغاليين ومحاميهم وخبرائهم القانونيين. فهل نحن أمام عبقرية سودانية استثنائية، أم أمام محاولة جديدة لصرف الأنظار عن مشاكلنا الحقيقية؟
الشكاوى لا تصنع مجدًا
كرة القدم ليست ساحة للتلاعب الإداري والرهان على الأخطاء القانونية، بل هي لعبة تحسمها العزيمة والجهد والإصرار في الملعب، إذا كان منتخب السودان يريد الوصول إلى كأس العالم، فعليه أن يحقق ذلك بقدراته وإمكاناته، لا عبر التربص بالأخطاء الإدارية للخصوم.
كلنا نتذكر كيف حاولت بعض الفرق الإفريقية في الماضي التأهل عبر الشكاوى، ولم ينجح أي منها في بناء فريق قوي أو تحقيق إنجازات مستدامة. السودان يجب أن يكون أكبر من هذا التفكير الصغير، يجب أن يؤمن بقدراته، لا أن ينتظر سقوط الآخرين ليصعد هو.
إلى متى نعيش في الوهم؟
المشكلة الحقيقية ليست في الشكوى ذاتها، بل في عقلية بعض الإداريين الذين يتعاملون مع كرة القدم وكأنها معركة أوراق وليس معركة جهد وتخطيط. هذه ليست المرة الأولى التي نشهد فيها هذه التصرفات، فالاتحاد السوداني ظل لسنوات يتخبط في الأزمات الإدارية، ويبحث عن أعذار خارج الملعب بدل إصلاح أوضاعه الداخلية.
ما يحتاجه المنتخب السوداني اليوم ليس “اكتشافات عبقرية” ولا مراهنات قانونية، بل يحتاج إلى إدارة محترفة، وخطط واضحة، وثقافة انتصارية مبنية على الأداء في الملعب، لا على مكاتب الفيفا.
السودان أكبر من هذه الفرص الجبانة
إن كان المنتخب السوداني يستحق التأهل لكأس العالم، فليكن ذلك بعرق لاعبيه ومجهودهم في الملعب، لا عبر الأوراق والشكاوى. المنتخبات الكبيرة لا تنتظر سقوط الآخرين، بل تصنع مجدها بيدها. على أصحاب الهمم الوضيعة أن يستفيقوا من غفوتهم، وأن يدركوا أن السودان لا يحتاج لمنحة قانونية، بل يحتاج إلى ثقة مطلقة في قدراته، وإيمان بأنه يستطيع الوصول إلى القمة دون أن يترقب أخطاء الآخرين.
وأهلك العرب قالوا:”إذا كان أسامة عطا المنان ومن معه يراهنون على الشكوى كطوق نجاة، فإننا نراهن على اللاعبين داخل الميدان، وعلى عزيمتهم وإصرارهم الذي لا يُهزم”.
كأس العالم لن يُهدى لنا، بل يجب أن ننتزعه بجدارتنا.. فهل نحن مستعدون لذلك؟
والله المستعان