وسط الرياح

دوري النكبة!

 

أبو بكر الطيب

الاتحاد العام السوداني لكرة القدم، هل يملك الخاصية التي ينظّم بها دوري نُخبة أم “دوري النكبة”؟

عندما نتحدث عن “دوري النخبة”، فنحن نشير إلى مسابقة رياضية من أعلى مستوى، تجمع بين أفضل الفرق، وتُقام في ملاعب حديثة، وتُدار باحترافية عالية. لكن، قبل أن يتورط اتحادنا الموقّر في هذه التسمية الرنّانة، دعونا نطرح بعض الأسئلة البسيطة:

1. هل لدينا فرق نخبوية فعلًا؟
وكم عددها؟ دوري النخبة يُفترض أن يجمع أفضل الفرق، فهل أنديتنا وصلت لهذا المستوى النخبوي؟ هل هذه الأندية تستطيع المنافسة إقليميًا؟ أم أن معظمها لا يستطيع حتى تحمّل تكاليف السفر إلى المباريات داخل ولايات البلاد دون الدخول في ديون وسلفيات؟

2. ماذا عن نظام المسابقة؟
دوري النخبة عادةً يتبع أنظمة احترافية واضحة، يمر بمراحل تأهيلية، وجدول مباريات منظم، وتقنيات تحكيم حديثة. أما عندنا، فالتنظيم غالبًا ما يكون على طريقة “رزق اليوم باليوم”، حيث يتم تأجيل المباريات لأسباب تبدأ بـ”سوء الأحوال الجوية”، ولا تنتهي عند “انقطاع التيار الكهربائي”!

3. هل ملاعبنا جاهزة؟
الحديث عن الملاعب الحديثة في دوري النخبة يقودنا لسؤال جوهري: هل لدينا ملاعب تصلح حتى للهواة، قبل أن نتحدث عن النخبة؟ ملاعب تُغلق كل موسم لعدم الصيانة، مدرّجات حدّث ولا حرج يعاني منها المشجعون، وإضاءة لا تصلح حتى لمباراة في دوري المدارس! هل هذه بيئة تستحق أن يُطلق عليها “نخبة”؟

4. التغطية الإعلامية والجوائز؟
دوري النخبة يتمتع بتغطية إعلامية واسعة، وبجوائز قيّمة. أما عندنا، فالجوائز غالبًا لا تتجاوز “كأسًا نسمع به سمعًا”، أو “شيكًا على بنك تفرّج ليُصرف”. والتغطية الإعلامية ضعيفة حسب المنافسة، وإذا حالفنا الحظ، سنحصل على كاميرا واحدة بزاوية ثابتة تنقل المباراة بطريقة تجعلك تشعر وكأنك تتابعها من “المدرّجات الشعبية”!

دوري النخبة يتطلب التزامًا صارمًا بقواعد اللعب والاحترافية. أما في كرتنا المحلية، فالقرارات تصدر بالفَهلوة، واللجان المنظمة تعمل عند الطلب. كيف سيكون دوري النخبة لدينا إذا كان الاتحاد نفسه لا يعرف كيف ينظّم جدولة موسم رياضي دون ارتباك؟

ليس في استطاعتنا إلا أن نقول: دوري النخبة أم “دوري النكبة”؟ هذا إذا كان المطلوب مجرد مسمّى رنّان، فهنيئًا لنا به: “دوري النخبة السوداني”!

ولكن إذا كنا نتحدث عن دوري بمعاييره الحقيقية، فالاتحاد العام بحاجة إلى مراجعة شاملة قبل أن يحلم بهذا الشرف.

قبل إطلاق الشعارات البرّاقة، لماذا لا نبدأ بتأسيس منظومة حقيقية لكرة القدم؟ لماذا لا نطوّر ملاعبنا، نحسّن بيئة العمل الرياضي، ونرتقي بمستوى الأندية واللاعبين؟ عندها فقط، يمكننا أن نتحدث عن “النخبة” دون أن يتحوّل الأمر إلى مادة للسخرية.

أما الآن، فالأجدر أن نُسمّيه “دوري من يستطيع الصمود”، لأن المنافسة الحقيقية فيه ليست على الكأس، بل على من يتمكّن من النجاة وسط كل هذه الفوضى.

وأهلك العرب قالوا:
النخبة: الاسم سالم،
الاسم اسم حوت، والحال مسحوت!
والله المستعان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: محمي ..