المبادرات لا تُجهض…!!
أبو بكر الطيب
والذكاء المزيف لا يُخدع به أحد.
في مقالٍ سابق، كتبنا عن مبادرة قروب قضايا رياضية التي جاءت في لحظة فارقة من تاريخ اتحاد الخرطوم، وحملت في طياتها بارقة أمل بعد فترة طويلة من التجاذبات، والانقسامات، والتعطيل الذي طال الأندية، واللاعبين، وحتى الجماهير.
كتبناها عن إيمان، لا عن عاطفة، وأكدنا أن اتحاد الخرطوم، بما يحمله من إرث وتاريخ، لا يجوز أن يُترك هكذا بلا قيادة، يتقاذفه صراع المصالح وتصفية الحسابات، وكان الأمل أن تشكل هذه المبادرة نقطة التحول المرتقبة، وأن يتكاتف الجميع من أجل الوصول إلى حل يحفظ ماء الوجه ويعيد الأمور إلى نصابها.
ولكن، وكما تعودنا من أصحاب الأجندات الخفية، ما إن بدأت بوادر الانفراج تظهر، حتى خرجت الوجوه المألوفة من خلف الستار، وهي تحاول بكل ما أوتيت من دهاء مكشوف أن تجهض هذه المبادرة كما أجهضت كل محاولات الحل من قبل.
لم يدهشنا الأمر، لأننا نعرفهم جيدًا، ونعرف أساليبهم وطرقهم البالية.
هؤلاء لا يعيشون إلا في جو الأزمات، ولا يزدهر نفوذهم إلا في أجواء الانقسام. لا يبحثون عن حلول، بل يصنعون المشاكل ليظلوا هم في المشهد، يتاجرون بالفتنة ويقتاتون على الفوضى.
يتحركون في صمت، يظنون أنهم أذكى من أن يُكتشفوا، يلفّقون المبررات، ويحاولون دسّ السم في العسل، يتظاهرون بالحرص وهم أول من يطعن المبادرات من الخلف.
ويا للأسف، هناك من لا يزال يصدقهم، ويمنحهم الغطاء، إما بسذاجة أو بدافع التواطؤ!
ولذلك، فإننا نوجه هذه الرسالة بلا مواربة ولا تلميح:
أنتم مكشوفون… مهما تخفيتم خلف أقنعة الزيف والمثالية.
أنتم معروفون… مهما غيرتم جلدكم أو لغة خطابكم.
فمن يتعمد إفشال المبادرة في هذا التوقيت، لا يخدم إلا نفسه، ولا يعنيه لا الاتحاد ولا الرياضة ولا مصلحة الخرطوم.
ومن يعرقل خطوات الحل، يعلم تمامًا أنه إن عادت الأمور إلى طبيعتها، ستنقطع عنه مصادر التأثير والنفوذ، ولهذا يقاتل في الخفاء.
على كل نادٍ متضرر من هذه الأزمة أن يرفع صوته اليوم.
على كل رياضي غيور أن يسجّل موقفًا واضحًا.
على كل عضو في الجمعية العمومية أن يرفض الصمت والحياد.
فالقضية اليوم تتجاوز اتحاد الخرطوم… إنها قضية مبدأ، ومواجهة مباشرة بين من يريد البناء ومن يعشق الهدم.
لا نطلب أكثر من أن تتركوا اللجنة الجودية تباشر مهامها، وتفتح قنوات الحوار، وتجمع الأطراف المختلفة للوصول إلى صيغة توافقية، تحفظ للاتحاد كرامته، وللأندية حقوقها، وللجمهور احترامه.
أما إذا واصلتم العبث، فسوف نكشفكم أمام الجميع والتاريخ، ولن تسامحكم الجماهير، ولن يكون لكم موطئ قدم في قيادة الرياضة مستقبلاً بعد فضحكم.
وأهلك العرب قالوا:
ومَهما تَكُن عِندَ امرِئٍ مِن خَليقَةٍ
وَإِن خالَها تَخفى عَلى الناسِ تُعلَمِ
وَمَن لا يَزَل يَستَحمِلُ الناسَ نَفسَهُ
وَلا يُغنِها يَوماً مِنَ الدَهرِ يُسأَمِ
وإن طبائع المرء لا تختبئ، وإن توارى خلف الأقنعة، فإن الأيام كفيلة بفضحه.
وما طار طير وارتفع إلاّ كما طار وقع.
والله المستعان.