وسط الرياح

التردّي مستمر!! والإدارة تواصل صناعة الأزمة

عدد الزيارات: 21٬002

 style=

أبو بكر الطيب

توالت الهزائم، وتكرّرت خيبات الأمل، وبدأ جمهور المريخ، ذلك الجمهور الوفي العريض، يشعر بأن ناديه يسير نحو المجهول. نتائج مخيبة في الدوري الموريتاني، أداء باهت، غياب للروح والانضباط، وانهيار في أكثر من مباراة، تجعل من الطبيعي أن يُطرح السؤال الجوهري: إلى متى يستمر هذا التردّي؟ ومن المسؤول؟

أزمة تتجاوز النتائج.. إلى عمق الكيان
ما يعانيه المريخ اليوم ليس مجرد سلسلة هزائم متتالية، وإنما نتاج تراكمات وأخطاء ممتدة، تكشف عن أزمة هيكلية وإدارية وفنية مركّبة. لا يمكن اختزال ما يحدث في أداء المدرب أو تقاعس اللاعبين فقط، فالمشكلة أعمق من ذلك بكثير، تبدأ من القمة، من الإدارة التي عجزت عن تقديم رؤية، أو فرض استقرار، أو حتى بناء بيئة احترافية حقيقية.

الفشل الإداري… أصل الداء
في الواقع، المسؤولية الأولى تقع على كاهل الإدارة. فحين تغيب الرؤية، ويحلّ التخبط محل التخطيط، ويُدار النادي بعقلية ردود الفعل لا المبادرة، فلا تنتظر غير الانهيار.

لقد استبشرنا خيرًا بالتغييرات التي طالت الجهاز الفني واللجان، مما يخلق الاستقرار ويُنتج تماسكًا داخليًا ينعكس إيجابًا على الفريق، ولكن غياب التخطيط في الانتقالات، وصرف الأموال على لاعبين لا يصنعون الفارق، دون النظر إلى احتياجات الفريق الفنية الفعلية، أدّى إلى هذا الوضع المتردّي.

هل يمكن أن نقول إن هناك أزمات مالية مزمنة، انعكس تأثيرها على الروح المعنوية للاعبين، وجعل الفريق أقل جاذبية وأقل أداءً وتماسكًا؟

هل نعزي الأمر إلى غياب البيئة الاحترافية، سواء في البنية التحتية، أو في إدارة شؤون اللاعبين، أو في التنظيم الإداري العام؟

هل هناك تدخلات في العمل الفني، تنسف صلاحيات المدربين، وتزيد من حالة التذبذب داخل الفريق؟

الجانب الفني… مرآة الفوضى الإدارية
في ظل هذه البيئة الهشّة، من الطبيعي أن يعاني الجهاز الفني. ومهما كانت كفاءته، سيظل مكبّلًا بقرارات إدارية مرتبكة، وبلاعبين جُلبوا وفق أهواء لا وفق رؤية فنية، وبدون وقت كافٍ لبناء فريق منسجم.

غياب الانسجام ووضوح الرؤية التكتيكية.

ضعف الإعداد البدني والذهني للاعبين، وانعدام الروح القتالية في المباريات المصيرية، عوامل من عوامل الهزائم المتتالية.

سوء توظيف اللاعبين، مما يفقد الفريق توازنه ويضعف الأداء.

التغييرات المستمرة في التشكيلة من قبل الجهاز الفني، مما يفقد الفريق هويته ويزرع الشك في النفوس.

مجرد حلول مؤقتة… لا تُجدي
محاولات “الإحلال والإبدال” في كل فترة انتقالات أصبحت مجرد مسكّنات إعلامية لا تعالج جذور الأزمة. يتم التعاقد مع لاعبين لا يعرفهم أحد، يُقال المدرب بعد كل إخفاق، وتُعاد الأسطوانة نفسها. المشكلة ليست في الأسماء، بل في منهجية التفكير والإدارة.

ما الذي يجب أن يحدث؟
إنقاذ نادي المريخ لا يمكن أن يتحقّق إلا عبر وقفة جادّة ومسؤولة، تبدأ من إعادة النظر في تركيبة الإدارة ومنهجها.

المطلوب اليوم:

استقرار إداري فعلي، لا إدارات تتناحر على رئاسة البعثات بينما النادي يغرق.

خطة استراتيجية طويلة الأمد لبناء فريق متكامل، تبدأ من الناشئين، ولا تقتصر على الفريق الأول.

توفير بيئة احترافية حقيقية، من ملاعب، ومعسكرات، ومعدات، وصولًا إلى تنظيم العقود والإدارة المالية.

منح الجهاز الفني كامل الصلاحيات والدعم اللازم، بدلًا من التدخل في قراراته.

إعادة بناء العلاقة مع الجمهور، عبر الشفافية، واحترام العقول، ومصارحة الجماهير بالحقيقة بدلًا من التلاعب بالشعارات.

وأخيرًا: لا الميركاتو يُنقذكم، ولا تغيير المدرب وحده هو الحل للأزمة.
ما لم تتحمّل الإدارة مسؤوليتها، وتبدأ بإصلاح جذري وعميق، فستبقى الهزائم تتوالى، والخيبات تتكرّر، وسيظل جمهور المريخ يدفع ثمن أخطاء من لا يعرف قيمة هذا الكيان العريق.
فهل من وقفة ضمير قبل فوات الأوان؟

وأهلك العرب قالوا:
سفينةٌ بلا بوصلة، ولو أبحرت بكل قوتها، لن تصل إلى شاطئ.

والله المستعان.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
XFacebookYoutubeInstagram
error: محمي ..