لا تُمنّن بما هو واجب! ولا تتباهى بما تأخّرت فيه!
أبو بكر الطيب
في مشهدٍ يعكس بؤس الإدارة وضعف الإحساس بالمسؤولية، خرج علينا النائب الأول لرئيس الاتحاد السوداني لكرة القدم، السيد أسامة عطا المنان، ببيانٍ مطوّل يُفترض أنه توضيحي، لكنه بدا أقرب لمحاولة ترويج سياسي واستعراض عضلات في غير موضعها، حين تحدّث عن “الجهد الكبير” الذي بذله في القاهرة لحل أزمة المدربين الذين جلسوا لامتحانات الرخصة A في العام 2016، ولم يحصلوا على شهاداتهم حتى اليوم.
ثماني سنواتٍ من الانتظار، والتجميد، والتجاهل، ثم يأتي المسؤول الأول عن هذا التقصير ليحدّثنا عن بشريات ونجاحات “شخصية”، وكأن إنصاف المدربين الذين ظلمهم الاتحاد طيلة هذه السنوات إنجازٌ يُمنح، لا حقّ يُسترد!
أيُّ إنجازٍ هذا يا سعادة النائب؟
أنتم تتحدّثون عن أزمةٍ كان الاتحاد — تحت قيادتكم — سببها الأساسي، حين عجز عن الإيفاء بمتطلبات الاتحاد الإفريقي (الكاف)، ليتم تصنيفه ضمن الاتحادات المتعثّرة والمجمّدة. فمن غير المنطقي ولا الأخلاقي أن تُمنّوا على المدربين اليوم بمحاولة خجولة لاستدراك ذلك التقصير، وكأنهم مدينون لكم بالامتنان.
المؤسف أن البيان لم يتضمّن أي اعتذار رسمي لهؤلاء المدربين، الذين علّقوا آمالهم على شهاداتٍ معترف بها تفتح أمامهم آفاق العمل والتطوّر. بل كان الخطاب محمّلًا بنبرة امتنان على “تسوية جزئية”، وأُعلن فيه عن احتفال قادم لتسليم الشهادات، وكأننا أمام نصرٍ وطنيّ يستحق الزغاريد، لا مجرد محاولة ترقيع لخطأٍ إداريّ فادح.
لا، سيدي، لا نراها إنجازًا.
بل نراها وصمة تُضاف إلى سجل اتحادكم، الذي أهدر سنواتٍ من أعمار المدربين، وقتل الطموحات في مهدها، وعرقل مسيرة تطوير كرة القدم الوطنية، فقط لأنه لم يكن على قدر المسؤولية.
كان الأحرى بكم أن تبدأوا خطابكم باعتذارٍ صريح لا تلميح، وأن تنقلوا هذا الملف من خانة “المنجزات الفردية” إلى جدول الأولويات المؤسسية، باعتباره واجبًا طال تأخيره، لا مكرمةً تُمنح.
إن أراد الاتحاد السوداني أن يستعيد ثقة الوسط الرياضي، فعليه أن يعترف بأخطائه أولًا، ويُصلح بنيته الإدارية، ويُرسي معايير محاسبة شفافة لا تتغافل، لا أن يستمر في سياسة ذر الرماد على العيون.
وأهلك العرب قالوا:
“لا يُمدح السيفُ إن بَرَد، ولا الفارسُ إنْ تأخّر.”
فلا تتفاخروا بما هو حقٌّ للناس، ولا تُسجّلوا على حساب المظلومين بطولاتٍ وهمية.
والله المستعان