من بريق اللايفات إلى سطوة القرارات!! حين يصبح النادي سُلّمًا شخصيًا

أبو بكر الطيب
في قلب الكيان الشامخ “المريخ”، حيث يُفترض أن تحتكم القرارات لمعايير الكفاءة والتاريخ، يطلّ علينا سؤال حاد: هل ما نشهده هو انعكاس لأزمة قيم، أم ميلاد لنموذج “قيادي” جديد يرتكز على غير المألوف؟
في دهاليز هذا النادي العريق، برزت في السنوات الأخيرة شخصية لافتة، هو “صاحب الظل الطويل”. لا يحمل في جعبته إرثًا رياضيًا راسخًا أو خبرة إدارية تقليدية، لكنه استطاع ببراعة أن يفرض وجوده في دوائر صنع القرار، ليصبح من المقرّبين جدًا لرأس الهرم.
قفزة نوعية من عالم آخر
لم تنطلق مسيرة “صاحب الظل الطويل” من ملاعب كرة القدم أو لجانها المتخصصة، ولا حتى من بين صفوف الجماهير العاشقة. بل كانت بداياته في فضاء مختلف تمامًا: صفحات فنية تضجّ بحوارات مع نجمات “اللايفات” وعالم المؤثرين، وهو ميدان يبتعد كل البعد عن تعقيدات الإدارة الرياضية.
لكن عجلة الزمن دارت بسرعة، ليجد هذا الاسم نفسه عضوًا فاعلًا في مجلس إدارة المريخ، بل وتجاوز في نفوذه أسماء لطالما ارتبطت بمسيرة النادي وتاريخه.
همسات النفوذ في الكواليس
في أروقة النادي، تتردّد أحاديث خافتة عن سرّ هذا الصعود المذهل. يرى البعض فيه تجسيدًا لـ”فن التسلق” ومهارات استثنائية في بناء العلاقات والنفوذ. تُشير الكواليس إلى قربه اللافت من رئيس النادي، هذا القرب مكنه من تولّي مسؤوليات حسّاسة كرئاسة البعثات الخارجية، والظهور في محافل رسمية، وحتى تمثيل النادي في ملفات هامة.
الأمر لم يقف عند حدود النفوذ الظاهر، بل امتدّ ليؤثر في توازنات القوى داخل المجلس، حيث شعر بعض الأعضاء المخضرمين بالتهميش، وربما الإبعاد التدريجي عن دائرة الضوء.
غياب المعايير.. وأصوات تتلاشى
لم يغب عن أذهان محبّي النادي وعقلائه علامات الاستفهام الكبرى حول هذا الارتقاء الصاروخي. ما هي الأسس والمعايير التي سمحت لشخصية بهذه الخلفية أن تجد لها مكانًا في مجلس إدارة كيان بحجم المريخ؟
لكن، وعلى الرغم من تزايد الأصوات المنتقدة والمستنكرة، يبدو أن “صاحب الظل الطويل” يمضي قدمًا في تعزيز نفوذه، في ظل صمت مطبق أو تجاهل من المؤسسة التي يُفترض بها أن تحافظ على توازنها وهويتها.
زيارة موريتانيا.. تحالف في الصورة
تجدّد الجدل مؤخرًا مع تردّد ذهابه اللافت بجانب “القائد” في زيارة رسمية إلى موريتانيا. هل يُعدّ هذا الحضور بروتوكوليًا عابرًا، أم أنه كشريك فاعل في صناعة القرار؟ هذا المشهد أعاد إلى الواجهة التساؤلات الملحّة: هل بتنا أمام إدارة فردية تستند إلى الوشائج الشخصية والولاءات الضيقة؟ وهل أصبحت المناصب الحسّاسة أسيرة الدوائر المقرّبة بدلًا من الكفاءة والشفافية؟
أسئلة تستحق الوقوف عندها
ما هي المعايير الواضحة والشفافة لاختيار أعضاء مجالس الإدارات في صرح رياضي بحجم المريخ؟
هل يمكن لمجرد القرب من مركز السلطة أن يمنح امتياز مرافقة “الريس” والمشاركة في المسؤوليات؟
أين دور الإعلام المستقل والجماهير الواعية في مراقبة هذه التحولات وضمان المساءلة؟
وهل تسمح الهياكل الإدارية الحالية بتغوّل النفوذ الفردي دون أي ضوابط أو رقابة فعالة؟
خاتمة مفتوحة
في هذا المشهد الضبابي، يقف “صاحب الظل الطويل” كنموذج حي لصعود نمط غير تقليدي في إدارة المجالس الرياضية. قد يراه البعض تجسيدًا للذكاء الانتهازي والقدرة الخارقة على استغلال الفرص، بينما يراه آخرون مظهرًا من مظاهر الخلل الإداري الذي يعاني منه المريخ منذ سنوات.
لكن الحقيقة المؤلمة تبقى أن مستقبل هذا الكيان العريق لا يجب أن يُختزل في شخص واحد، أو أن تسيطر عليه العلاقات الشخصية على حساب المصلحة العليا للنادي وجماهيره.
فالرياضة الحقيقية تحتاج إلى أهل الخبرة والكفاءة، لا إلى من يجيدون فن الظهور الإعلامي والتكتّل حول السلطة.
وأهلك العرب قالوا:
“إذا أُسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة”
ويجب إرجاع العرجاء إلى مراحها.
والله المستعان.
