الريس المدمّر!

أبوبكر الطيب
إلى متى سيظل استمرار هذا العبث الإداري المدمّر؟
نتابع بكل أسى وحسرة ما يحدث في المريخ، ونقف مرة أخرى على أعتاب فصل جديد من مسلسل “هجم النمر” الذي يحكي عن التخبط الإداري، الذي أصبح وصمة عار في جبين مسيرة نادي المريخ، من مشاهد تتكرر بفظاعة، وأخطاء تُعاد بالمِلّي وباستفزاز، وعقلية تُصرّ على تجاهل أبسط دروس التجارب المريرة، وكأن على جماهير المريخ دفع فاتورة نفس القرارات الكارثية في كل إخفاق جديد، خطأ بعد خطأ.
عام مضى من عمر الريس منذ توليه الرئاسة، ولا أثر للتعلم!
كيف يُعقل أن يُصرّ رئيس نادٍ على إعادة إنتاج الفشل بأساليب قد تختلف في الشكل، لكنها تتطابق حد التطابق في جوهر العبثية؟
بالأمس القريب اكتوينا بنار تجربة “ميتشو” وخيبتها المدوية، وها نحن اليوم نُعيدها مع بطل جديد من أبطال مسلسل “هجم النمر” شوقي غريب، في مشهد يُعاد بنفس الارتجالية، دون أدنى رؤية واضحة، ولا تخطيط مهني محكم، ولا حتى استشارة حقيقية لأهل الاختصاص الذين تزخر بهم أروقة النادي.
إن كنا نجد العذر لرئيس مبتدئ افتقاده للخبرة في بداية مشواره بالنادي، فما هو العذر بعد مرور عام كامل على توليه المسؤولية؟
أين هي أبسط مبادئ الإدارة الرشيدة؟
أين هو التعلم من الأخطاء الفادحة التي كلفت النادي الكثير؟
إهدار للمال بلا حسيب… ونتائج في خبر كان!!!!!
والأدهى والأمر هو استمرار نزيف الأموال الطائلة دون أدنى عائد يُذكر على أرض الواقع، صفقات بمبالغ ضخمة تُبرم دون معايير واضحة، ومدربون يُستقدمون ويُقالون في لمح البصر، وكل هذا ولا إنجاز يُذكر.
إلى متى يستمر هذا الوضع؟ والإهدار الممنهج للمال دون وضع حد له؟
هل من المتوقع وضع حد له؟ وهل من المنطق أن نتوقع نتائج مختلفة ونحن نُكرر نفس السيناريو والأخطاء القاتلة، ونُضاعف من حجم الإنفاق غير المدروس؟
هل يُعقل أن تُدار منظومة بحجم وتاريخ المريخ بمزاج فردي واجتهادات شخصية قاصرة تتجاهل أبسط قواعد الحوكمة والمسؤولية؟
ما يزيد الطين بلة هو استمرار رئيس النادي في حصار قراراته داخل حلقة ضيقة من المستشارين أصحاب المنفعة الخاصة وغير المؤهلين، يتخذ منهم قبلة وحيدة، متجاوزًا مجلس إدارته المنتخب والدوائر الفنية بالنادي، وكل الكفاءات المعنية والمسؤولة فنيًا وتنظيميًا قد أصبحت مهمشة، لا يُستشار أحد منها، ولا يُؤخذ برأيه، وكأن النادي شركة بترول خاصة، لا مؤسسة عريقة لها تاريخها وهيبتها ونظامها الأساسي الذي يحدد اختصاص إدارتها.
هذه الطريقة الكارثية في الإدارة تُعتبر خطأ ساذجًا وخطرًا داهمًا يُنذر بانهيار وشيك لاستقرار النادي ومستقبله.
إن تسيير شؤون نادي المريخ بتاريخه العريق وقواعده الجماهيرية العريضة هو مسؤولية جماعية وقرارات مؤسسية، ليس من حق أي شخص، مهما بلغت تضحياته المالية، أن يستأثر بالسلطة وحده ويتخذ القرارات منفردًا، متجاهلًا أعضاء مجلسه المنتخبين بواسطة جمعية عمومية أوكلت لهم الأمر جماعيًا لا فرديًا، متجاوزًا صلاحياتهم.
إن تهميش زملائك لأنهم لا يُشاركون بالدفع هو أمر مرفوض وغير مقبول، ويُؤسس لنهج خطير يُقوّض أسس الديمقراطية والعمل المؤسسي ويُضعف النادي من الداخل، ويستفز الجماهير من الخارج، وهي لن تقبل هذا النهج الأحادي المتغطرس.
إن للصبر حدودًا، وولاء الجماهير للنادي أسمى من أي فرد.
فاعلم أن هذه الجماهير قادرة على الانتفاضة والإطاحة بأي شخص يرى في النادي ملكًا شخصيًا، ويتجاهل إرادتها وتطلعاتها، وهي على أتم الاستعداد للبحث عن رئيس آخر يقدر قيمة العمل المؤسسي، ويحترم عقول وتاريخ هذا النادي العظيم، متى ما لزم الأمر.
هذا الأمر نابع من قلب كل محب لهذا الكيان.
وأهلك العرب قالوا:
كونوا جميعًا يا بني إذا اعترا
خطبٌ ولا تتفرقوا آحادا
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسُّرًا
وإذا افترقن تكسَّرت أفرادا
والله المستعان
