حين يحاول “حنظلة” جني العنب من الشوك !!

أبو بكر الطيب
حنظلة المريخ ومرّة
يحكي العرب عن “حنظلة” الذي أراد أن يعلّم ابنه الحياة، فأمسك غصن شوك وحاول أن يثنيه ليقطف منه عنبًا، فتعجب ابنه “مرّة” وسأله: “وهل يُجنى من الشوك العنب؟”، ليجيبه حنظلة ساخرًا: “إنها التجربة يا بُنيّ!”.
وما أشبه حال إدارة نادي المريخ اليوم بحكاية حنظلة، وهي تحاول أن تقتطف المجد من غصن جاف، وتنتظر الحصاد من أرض لم تُزرع أصلًا.
إدارة بعقلية التجريب والإنكار
تعيش إدارة المريخ الحالية حالة من الإنكار.
إدارة المريخ تتجمّل بالأماني وتُغطي الفشل بخطاب إعلامي مشوّش. رئيس في عامه الأول، كان الأجدر به أن يبدأ بإعادة ترتيب البيت، لكنه آثر الخطابة على الفعل، والتبرير على المراجعة. كأنه يقول: “دعوني أُجرّب، فربما أثمرت أشواكي عنبًا!”. لكن الشوك لا يُثمر، يا سيادة الرئيس.
أما الطاقم الفني، فهو كمن يحاول ضبط لحنٍ على آلة مكسورة، لا يسمع سوى صدى إخفاقاته، لكنه مستمر في العزف غير مكترث بصراخ الجمهور خلفه. الفريق يترنّح فنيًا، والخيارات تزداد عشوائية، والنهج يبدو كمن يُقلّب صفحات كتاب لا يُجيد قراءته.
جماهير ترى وتتفكّر وإعلام بعيد كل البعد عن الواقع
وحدها جماهير المريخ — ابنة “مرّة” الحكيمة — من تقرأ الواقع بوعي وتُميّز بين الحقيقة والزيف. لا تنطلي عليها الشعارات، ولا تُخدع بالتصريحات. تعلم جيدًا أن من يزرع وهمًا، لا يحصد إلا خيبة. تحترق حبًّا للنادي، لكن لا تصمت على الخطأ، ولا تُهادن في الحق. أما الإعلام فكمن يدير
حوار الطرشان: حنظلة لا يسمع، ومرّة لا يسكت
وهكذا يستمر الجدل العقيم: إدارة تتذاكى، وجمهور يتساءل. قرارات بلا رؤية، وردود أفعال بلا وُد. إدارة لا تسمع إلا صوت المديح، وجمهور لا يملك إلا الصراخ. والنتيجة؟ تيهٌ إداري، وتمزق فني، وإحباط جماهيري بلغ مداه.
وهل يُجنى من الشوك العنب؟
ذاك السؤال البسيط الذي طرحه “مرّة” لأبيه، يكاد يُختصر فيه حال المريخ: كيف نطلب النتائج من إدارة عاجزة عن زرع البذور؟ كيف نرجو البطولات من منظومة لم تعرف معنى التخطيط؟
إن من يُصرّ على الخطأ ويخشى الاعتراف به، لا يصنع مجدًا، بل يُعيد إنتاج الفشل بثوب جديد.
وقبل أن أَختم: لكل فشل جذور، ولكل نهوض مواجهة
إن نادي المريخ لا يُعاني من سوء حظ، بل من سوء إدارة، وسوء تقدير، وسوء اختيار. وما لم تُبادر الإدارة الحالية إلى وقفة شجاعة مع الذات، ومراجعة واعية للخيارات، فإن الطريق إلى المجد سيبقى مفروشًا بالشوك، لا العنب.
وعلى الإدارة أن تعلم أنها مؤتمنة، وأن حقوق الجماهير والكيان أمانة في أعناقهم، لا مجال فيها للتجريب أو المكابرة.
وقال العرب:
“إذا كان ربُّ البيتِ للدفّ ضاربًا، فشيمةُ أهلِ البيتِ الرقصُ والطربُ.”
“إذا كان القائد أعمى، فالأتباع إلى الهاوية أقرب.”
“من زرع شوكًا، لا ينتظر ورودًا.”
“السفينة التي يقودها من لا يُجيد القراءة، لا تصل إلى برّ الأمان.”
فهل آن أوان الصحوة؟ أم أن “حنظلة” لا يزال يظن أن العنب ينبت من الشوك؟
والله المستعان.
