وسط الرياح

ثورة الصمت!

عدد الزيارات: 21٬005

474

 

أبو بكر الطيب

كيف أعاد شوقي غريب للمريخ صورته في دروب الانتصار؟
عندما يكون التغيير النفسي هو مفتاح الانبعاث
من الرماد إلى الشعلة.. المريخ ينهض

بعد سلسلة من التعثرات التي أنهكت قلوب الجماهير، أطل المريخ أخيرًا برأسه من عنق الزجاجة، محققًا فوزًا طال انتظاره. هذا الانتصار، الذي جاء تحت القيادة الجديدة للكابتن شوقي غريب، بدا وكأنه أكثر من مجرد ثلاث نقاط؛ كان إعلان ولادة جديدة لفريق ظنّ كثيرون أنه فقد بريقه.

فما الذي حدث خلف الكواليس؟ وكيف أسهم التغيير الفني والنفسي في إعادة إحياء روح المريخ؟

الكابتن شوقي غريب… رجل المرحلة الصعبة
حين تسلّم شوقي غريب ومساعده محسن سيد مهمة إنقاذ الفريق، لم تكن التحديات فنية بقدر ما كانت نفسية. الفريق كان مثقلًا بإرث ثقيل من الإخفاقات، فاقدًا للثقة، تائهًا في أرض الملعب.

غريب لم يلجأ إلى انقلاب تكتيكي مفاجئ، بل خاطب اللاعبين بلغة أخرى: لغة القلوب. استعادة الثقة، إعادة تعريف الانتماء، وبث الأمل في النفوس… كانت هذه مفاتيحه الأولى للعبور إلى ضفة النجاح.

سقوط جدار اللغة… نهاية حاجز ميتشو
مع رحيل المدرب الأجنبي ميتشو، سقط جدار التواصل الذي خنق أداء الفريق طيلة الفترة الماضية.

التعامل مع اللاعبين السودانيين يتطلب فهمًا عميقًا للثقافة المحلية، لمشاعرهم وتطلعاتهم. وهذا ما افتقر إليه ميتشو رغم قدراته التكتيكية.

في المقابل، استطاع شوقي غريب أن يلتحم بالفريق بسرعة، مخاطبًا اللاعبين بلغتهم، أحلامهم، وهمومهم. حين يفهمك مدربك قبل أن يأمرك، تلعب له لا مجبرًا، بل مقتنعًا.

الغطرسة تكسر الفرق… والتواضع يصنع البطولات
ثمة خيط رفيع بين القيادة وبين الغطرسة. ميتشو، وفق مصادر مقربة من غرفة الملابس، لم ينجح في خلق بيئة احترام متبادل مع لاعبيه. بعضهم شعر بالدونية، والبعض الآخر بالاستبعاد العاطفي.

حين جاء شوقي غريب، جاء معه شيء آخر: التواضع. جلس مع اللاعبين، استمع إليهم، أعاد لهم إحساسهم بالقيمة، فكانت الاستجابة على أرض الملعب سريعة وملموسة.

خطة شوقي الخفية: اللعب على الوتر النفسي
رغم قصر المدة، ظهرت بصمة شوقي غريب جلية في عدة جوانب:

إعادة بناء الثقة بالنفس عبر دعم معنوي غير مشروط.

خلق جو إيجابي داخل المجموعة مبني على الاحترام لا الخوف.

تبسيط الأفكار التكتيكية وتحديد أدوار واضحة لكل لاعب.

فرض انضباط صارم دون قسوة، مما زاد من تركيز الفريق.

توظيف نقاط القوة عوضًا عن المغامرات غير المحسوبة.

لم تكن الثورة في التشكيلة أو الأسلوب، بل في العقلية.

انتصار صغير… بثقل جبل
قد يبدو الفوز الأخير للمريخ متواضعًا على الورق، لكنه بالغ الثقل معنويًا.

كسر حاجز الهزائم كان بمثابة ولادة جديدة للفريق، والآن صار الطريق ممهّدًا لبناء سلسلة من النتائج الإيجابية.

غير أن المهمة لم تكتمل بعد؛ شوقي غريب يعرف أن الفوز الأول ليس النهاية، بل مجرد بداية لتحدٍ أكبر: ترسيخ ثقافة الانتصار.

وقبل الختام:
النصر صبر وعمل
إذا كان المريخ قد بدأ استعادة صورته، فإن عليه أن يواصل الغناء بإيقاع الانضباط والإصرار. النجاح في كرة القدم لا يصنعه مدرب فقط، بل يصنعه تآلف بين الإدارة، الجهاز الفني، اللاعبين، والجمهور.

واهلك العرب قالوا:
“ليس الأقوياء وحدهم من ينتصرون، بل أولئك الذين لا يتخلون عن قوتهم حين تشتد العواصف.”

والله المستعان

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
XFacebookYoutubeInstagram
error: محمي ..