فجر الخرطوم.. ورايات المجد تعود

أبو بكر الطيب
الخرطوم تتحرر.. والنبض ينبض حرية.
ها هي شمس العزة تشرق من جديد على العاصمة السودانية، بعد أن أزاح رجالها الشجعان كابوس الاحتلال الجنجويدي، وأعادوا إليها أنفاس الحرية، مدفوعة بتكبيرات النصر ودماء الشهداء الأطهار.
إن ما تحقق ليس مجرد نصر عسكري على الأرض، بل هو لحظة فارقة في مسار الدولة السودانية الحديثة؛ لحظة اختلطت فيها دماء النظامي بالمدني، وامتزجت فيها دموع الفقد بزغاريد الانتصار، فكان السودان كله حاضرًا على جبهات البطولة.
انتصار الخرطوم هو انتصار للهوية، للكرامة، للحق، وللتاريخ.
ففي قلب هذه العاصمة التي عرفت الثورات، ونبضت دومًا بالسيادة، كان لا بد أن تسترد زمام أمرها، وأن تُطهّر من كل دخيل أراد أن يكسر شوكتها أو يفرّق شملها.
لقد سطّر جنودنا الأشاوس، بكل تشكيلاتهم، ومعهم المستنفرون والمجاهدون، ملحمة سودانية خالدة. لم تكن مجرد معركة بالسلاح، بل كانت معركة وعيٍ ومبدأ. قاوموا الغدر، صدّوا الهجمات، صبروا على القهر، وانتصروا للكرامة. وما النصر إلا من عند الله.
إن وحدة الشعب والجيش لم تعد شعارًا، بل واقعًا مجسّدًا بالسلاح والمواقف، وبارود الصدور.
فقد أسقطت معركة الخرطوم آخر أوهام الانقسام، وأثبتت أن هذا الوطن، حينما يُجرح، يضمد نفسه بنفسه، ويعود أقوى من قبل.
لكل أم زغردت لابنها شهيدًا أو عائدًا منتصرًا،
لكل زوجة صبرت، ولكل طفل انتظر،
لكل من دعا أو قاتل أو آوى مقاتلًا..
لكم المجد كله.
هذا النصر إعلان بداية وليس نهاية،
فما زالت المعارك قائمة في أطراف الوطن، وما زال العدو يتحصن بأوهامه في بعض الجيوب، لكن الإرادة التي حررت الخرطوم، قادرة أن تحرر كل شبر دنّسه الظلام.
نقسم أن لا نهنأ حتى يعود كل الوطن آمنًا مطمئنًا، وحتى تعود السيادة كاملة غير منقوصة.
يا جنود السودان.. يا أبناء النيل والسهل والجبل..
إن خلفكم شعبًا لا يلين، يحملكم في قلبه، ويمضي معكم حتى تبلغ الرايات قمة المجد، وحتى يكتب التاريخ أن الخرطوم، كما كانت عاصمة للثورات، أصبحت مهد الانتصارات.
وأهلك العرب قالوا:
إذا الشعبُ يومًا أرادَ الحياةْ.. فلا بدّ أن يستجيبَ القدرْ،
ولا بدّ لليلِ أن ينجلي.. ولا بدّ للقيدِ أن ينكسرْ
والله المستعان
