في السلك

ليه كورتنا كده؟ 1000/1

عدد الزيارات: 21٬003

بابكر 3

في السلك

إذا فتحنا نقاشًا حول مستوانا الكروي (كرة قدم فقط)،
الأسباب لا تحتاج إلى بحث،
راقدة في السهلة.
وإذا حاولنا تناول الأسباب سببًا سببًا،
كل الأسباب حتقوم فوق،
وتردد: منو دي؟
أنا دي؟
بري بري بري،
وعندها، كل سبب سيرمي اللوم على غيره،
وندخل في لعبة “من سرق الروب؟”
جميع الأسباب ستنكر سرقة الروب، وجضومها مجلبطة بالروب المسروق.
ولن نصل إلى حل،
ويبقى الجدل بيزنطيًا لا ينتهي،
مثل جدل هويتنا:
من نحن؟
أفارقة؟
عرب؟
أم سودانيون؟
إذا قلنا نحنا عرب،
ينط لينا واحد ينفخ نخرينو ويقول: “يلا اتخارجوا لينا من سوداننا الإفريقي!”
وإذا قلنا نحنا أفارقة أحفاد ريناس،
ينط لينا واحد تاني يقول: “يلا أي زول جدّه ما فرناس يشوف فاس الما وراها ناس وين!”
في حين أننا، لو ببساطة اتفقنا واقتنعنا بهويتنا السودانية،
بسودانويتنا الخاطفة لألف لون وألف لسان وألف ثقافة وألف مناخ،
لكفينا أنفسنا شر القتال والاقتتال والقيل والقال،
ولانطلقنا إلى آفاق أخرى نجلب المجد (لا نشتريه)، خدمة يمين وعرق جبين نبيل جدًا.

ما علينا،
المهم،
كل الأسباب حتنكروا حطب،
وستدفع اللوم عن نفسها تارة،
وترميه على غيرها تارة أخرى،
لما نفتح عيوننا نلقا الفيفا ذاتها شطبتنا من كشوفاتها،
ومسحتنا من أطلس العالم الكروي!

أيها الناس،
إذا ابتدينا، حنختلف قبل نبدأ،
مثلاً سؤال:
لماذا تدهور مستوانا بعد العهد الذهبي لكرتنا؟
طوالي ينط ليك زول راسو مربع، يقول:
“نقطة نظام!”
تفضل يا أخي،
“منو القال نحنا كان عندنا عهد ذهبي؟
كلها كانت تلاتة دول بتتنافس إفريقيا،
وكنا بنجي التالت عادي،
ياتو عهد ذهبي تتحدث عنه؟”

وينط زول تاني، راسو ما مربع زي الزول الأول، لكن مطاول شوية:
“كيف مافي عهد ذهبي؟
كأس إفريقيا ده شلناه بالنقالة؟؟؟”
ويبدأ الهرج والمرج والهتاف:
“برانا برانا بنغلب غانا!”

أب راس مربع يقول:
“عهدكم الذهبي ده باصين ون تطش مافيهو،
الميدان كلو جاري ورا الكورة،
الفريقين والحكم ورجال الخطوط والسواري،
كلهم يبرطعوا جوه الميدان، والعجاجة رابطة في السما.”

ياخ استاداتكم كانت استاد الخرطوم الشايفنو ده ودار الرياضة أم درمان،
الكورة بيجيبوها من مستشفى أم درمان كل تلاتة دقائق.

أب راس مطاول يقول ليهو:
“استاد الخرطوم في زمنو كان مِزّة، لكن…”
أب راس مربع يضحك ويقول:
“مِزّة؟ أمال استاد القاهرة كان الحور العين؟”

وندخل في جدل لا ينتهي،
زي جدل الهوية.
أصلنا كده،
نقطة نتفق عليها عشان نبدأ منها ما في،
أي نقطة تبقى شمطة.

المهم،
عشان ما حنتفق على ثوابت،
أنا حأناقش الأسباب التي جعلت كرتنا كده،
كلها،
سبب ما بخليهو،
ولو ياخد مني الموضوع سنة كاملة.
ورانا، أهو قاعدين.
وبسم الله نبدأ.

الحكومة.
أيوه، الحكومة.
أحد أهم أسباب مستوانا الكروي.
وبدون ما تقول لي كيف،
بوريك كيف.

في ناس، شعب كلو حكومة،
ما برضو فيها،
لا الفاتت، لا الماتت، لا الذابت، لا الغابت،
لكن برضو، الحكومة سبب هام جدًا أوصل مستوانا الكروي للدرجة الوقفة.

من يوم الإنجليز ركبوا القطر واتخارجوا،
ما جاتنا حكومة وضعت ضمن اهتماماتها شأن الرياضة،
ولا كلفت وزير رياضتها بوضع استراتيجية محددة للنهوض بالرياضة عمومًا،
مع التزام الدولة بتوفير الميزانية اللازمة.

وزارات الرياضة كانت غشاشة في فم أهل الرياضة،
تسكتهم، وتلوليهم، لما يناموا ويصحوا على الواقع اللي صحينا عليه اليوم.
ده أولاً.

ثانيًا، التدخل الحكومي في الشأن الرياضي،
برغم أننا رواد أهلية وديمقراطية الحركة الرياضية،
قبل ما الفيفا تعرف مبدأ عدم تدخل الطرف الثالث.

والطرف الثالث عندنا، بيحشر نخرتو في أي شي،
يحدد الاتحاد يجي منو، ومعاهو منو،
ويشتغلها من بعيد بالعين الحمراء،
ويترشح ويفوز من يريده الطرف الثالث.

نحنا كده،
عندنا ميزة،
لا نكلف أنفسنا عناء اتباع القانون،
ولكن نكلف أنفسنا جهدًا كبيرًا في الاحتيال عليه.

ودي هوايتنا،
وطبعًا “أمنا الحكومة” بتكون أكثرنا مهارة في ذلك.

ياخ، قبل كده أمنا الحكومة ألغت الأندية ذاتها،
وعملت بدعة اسمها الرياضة الجماهيرية!
ولليلة بندفع تمن تلك السقطة.

أقيف لسع؟
أقيف واسمع…

أب راس مربع ممكن يقول ليك:
“طيب، قادننا مراحل ومدارس سنية في شنو؟
كانت عندكم في عهدكم الذهبي؟”

بالحيل يا أب راسا مربع،
كانت في، ولكل الأعمار.
في أي حي كان في ميدان، ميدانين صغار،
بلعب فيهم الشفع.
أعمامك الخاتين كراسيهم، وبقولوا:
“يا ولد، ما تشوت ضفر،
اكفّي رجلك،
اكفّي جسمك لما تهدف،
عشان الكورة ما تطيش،
العب الباص، واخد خانة،
ختّو في صدرك.”
أعمامك ديل، ياهم ناس سنة أولى سنية.

وبعدها، يتخرج الولد من مدرسة الميدان الصغير،
ويلتحق بالميدان الأكبر،
مع ناس أكبر منو شوية،
عندهم مدرب، وتمرين لياقة، وتوجيهات.
يكتسب بعض الخبرات، ويقوى عودو،
ثم يتخرج للملعب الكبير،
بعيد عن الحي،
قد يكون ميدان الرابطة مثلًا.

ده كلو كان مدارس سنية، يا أب راسا مربع.
لكن أمنا الحكومة لما تغولت على ميادين الحي،
وعملتها دور حكومية (خاصة)،
وبسط الأمن شمل الميادين الصغيرة،
و”دار دفاع” في الملعب الأكبر،
وباعت الميدان الكبير للرأسمالية،
عملتو جامعة، ولا صالة أفراح…
قفلت بذلك المدارس السنية.

مات التعليم الكروي قبل المدرسي،
وبقى الداير يلعب، يبدأ كبير، بعد ما شنبو يختّ.
شفت يا أب راس مربع،
أمنا الحكومة كانت سببًا قويًا في ما وصلنا إليه من تدهور كروي؟؟

ولسة…
بكرة نواصل عن “أمنا الحكومة” كسبب للضهب اللي نحنا فيه.

أيها الناس،
إن تنصروا الله ينصركم.

أها… نجي لي شمارات والي الخرطوم:
كان شُفت يا والينا،
كل الشعوب الفاشلة بتقول: “الحكومات عملتها فينا”،
والسبب؟
عشان بس بيقعدوا ويتفرجوا عليها يا والينا…

سلك كهربا
ننساك كيف؟
والكلب قال:
كورتكم زي سياستكم… كلها رَدْم.
أركبوا!

وإلى لقاء.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
XFacebookYoutubeInstagram
error: محمي ..