رسالة لوالي الخرطوم
أبو بكر الطيب
سعادة والي ولاية الخرطوم الأكرم
تحية طيبة واحترامًا يليق بمقامكم الرفيع
نخاطبكم اليوم، لا لنحمّلكم عبئًا جديدًا، ولا لنزيد على همومكم التي أثقلت بها الحرب كاهلكم، بل لنضع بين يديكم الحقيقة كما هي، بعيدًا عن التزييف، ومن منطلق تقديرنا لعدلكم، وثقتنا في أنكم لا تفرطون في مسؤولياتكم، ولا تنصتون إلا لصوت القانون، مهما تعالت حوله الأصوات.
سيدي الوالي، نتناول في هذه الرسالة قضية اتحاد الخرطوم المحلي لكرة القدم، التي باتت واحدة من أكثر القضايا الرياضية إثارة للجدل في الفترة الأخيرة، لا بسبب تعقيداتها القانونية، بل بسبب محاولات البعض المستميتة لإقحام جهات تنفيذية عليا – وعلى رأسها ولايتكم الكريمة – في صراع قانوني محسوم بأحكام نهائية صادرة من الجهات المختصة.
لقد أدركنا أن ثمة محاولات تدور في الخفاء لإقحامكم في أزمة ليست من شأنكم التنفيذي المباشر، بل هي قضية قانونية حُسمت أمام القضاء، تتصل بصراع بات معروفًا في أروقة اتحاد الخرطوم المحلي لكرة القدم، وهو صراع لم يعد خافيًا على أحد، بعد أن فاحت رائحة الالتفاف والتجاوز فيه، واختلطت فيه الحسابات الشخصية بمؤسسات الدولة.
وإننا إذ نرفع إليكم هذه الرسالة، فليس من باب الشكوى، وإنما من باب الحرص على ألا تُستدرج الولاية وقيادتها للدخول في معركة ليست لها، ولا تليق بمقامها، ولا تخدم المصلحة العامة، بل تنحاز لطرفٍ فقد مشروعيته، ويحاول جاهدًا استنطاق سلطة الوالي لتكون مظلة للالتفاف على أحكام القضاء.
إن ما نطلبه – بكل وضوح – ليس أكثر من احترام ما حكم به القضاء، لا أقل ولا أكثر.
لقد انتهى عهد التسويات الهشة، والترضيات الارتجالية، وانكشف زيف من كانوا يختبئون خلف ستار “الرياضة”، بينما يمارسون أعقد أنواع المحسوبية والتجاوز. واليوم، وبعد أن قال القضاء كلمته، نأمل ألا تُفتح الأبواب مجددًا أمام أولئك الذين يهوون اللعب في المساحات الرمادية، ويقتاتون على تأجيل الحسم، وتمييع الحقوق.
وليعلم من يراهنون على صمت الشارع، أو حياد السلطة، أن الأيام قد تغيرت، وأن وعي المجتمع الرياضي، ورقابته الصارمة، لن تسمح لأي جهة مهما كان نفوذها أن تعبث بمبدأ “سيادة القانون”، الذي هو تاجُ الدولة، وحصنُ المجتمع، ودرعُ الوالي العادل.
سيدي الوالي، إننا نعلم أنكم مشغولون بقضايا الوطن الكبرى، وأنكم تبذلون جهدًا جبارًا في الحفاظ على التماسك المجتمعي وسط ظروف قاهرة. ولهذا، لا نطلب منكم تدخلاً، بل نطلب منكم فقط ألا يُورَّط اسمكم أو توقيعكم أو مكتبكم في خدمة أجندة طرف واحد، من داخل اتحاد الخرطوم المحلي لكرة القدم، طرفٍ اختار المواجهة مع القانون، حين لم يجد له سندًا من المؤسسات الرياضية أو الشارع الرياضي.
نكتب إليكم باسم كل من يؤمن أن العدل لا يُجزأ، وأن الحياد في لحظة الظلم انحياز، وأن احترام القضاء هو أول مظاهر احترام الدولة.
وأهلكم العرب قالوا:
“إذا فسد أهل القضاء فسد أهل الأرض”،
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
“إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.”
وقبل الختام :-
نؤمن أن صوت القانون أرفع من كل صوت، وأن مقامكم أسمى من أن يُزج به في معركة خاسرة أخلاقيًا وقانونيًا، فأنتم وُضعتم في هذا الموقع لتكونوا عونًا للعدل، لا مطيةً للهوى، وأنتم أهل لذلك، وما عهدناكم إلا على ذلك.
والله المستعان، وهو الهادي إلى سواء السبيل.
