وسط الرياح

“جنجويد الرياضة” والأبواب الخلفية

عدد الزيارات: 21٬003

474“جنجويد الرياضة” والأبواب الخلفية

أبو بكر الطيب

صراع الشرعية في اتحاد الخرطوم!

لم يعد ما يجري في دهاليز اتحاد الخرطوم لكرة القدم مجرد صراع إداري عابر، بل تحوّل إلى معركة شرعية، تتقاطع فيها خيوط السياسة بالرياضة، وتُستباح فيها المؤسسات، في ظل محاولات سافرة للالتفاف على القانون، وإقصاء القضاء من المعادلة.

في تصريح حاد وحاسم، وصف المهندس غسان المادح، رئيس نادي الشاطئ بأمدرمان، ممارسات بعض الطامحين بالوصول إلى قيادة اتحاد الخرطوم عبر طرق غير قانونية بـ “جنجويد الرياضة”، وهي تسمية لم تأتِ من فراغ، بل من واقع صارخ يُعيد إلى الأذهان ممارسات الفوضى والاستباحة التي شوّهت وجه السودان في مراحل عدّة من تاريخه السياسي والإنساني.

لجنة التطبيع… أم لجنة التطويع؟
إن إصرار الاتحاد السوداني لكرة القدم على تشكيل “لجنة تطبيع” لاتحاد الخرطوم، رغم صدور قرار قضائي نافذ يمنع أي تدخل في هذا الشأن، يُعد انقلابًا صريحًا على الشرعية، وتحدّيًا مباشرًا لأحكام القضاء السوداني، وهو ما نبّه إليه المهندس غسان بقوله:
“عقوبات تصل حد السجن تطال كل من يحاول أو يدعو إلى ازدراء المحكمة أو تعطيل أحكامها.”

ليست هذه تهديدات جوفاء، بل حقائق قانونية دامغة: فالاستهانة بالأحكام القضائية، ومحاولة الالتفاف عليها بقرارات إدارية، يُمكن أن تضع من يقف خلفها تحت طائلة القانون، وتفتح الباب أمام حل الاتحاد نفسه كمؤسسة أصبحت غير ملتزمة بالشرعية.

جنجويد الرياضة: عقيدةُ التحايل وزحف من خلف القانون
مصطلح “جنجويد الرياضة” أصبح معبّرًا بدقة عن فئة أدمنت التحايل والتسلل من الثغرات. لا تؤمن بالمؤسسات، ولا تعرف معنى الشفافية، وتتغذى على “السواطة” والمماطلة، وتحترف التشويش على الأحكام والحقائق.

هؤلاء:
• ينصبون شِباكهم في ظلال لجان الوساطة التي كانوا أول من وأد قيمتها.
• يتسللون من النوافذ السياسية التي لا علاقة لها بالرياضة، فقط لتمرير مكاسبهم الشخصية.
• يُقصون كل من يرفض الخضوع، وينصبون أعمدة الولاء مكان أعمدة الكفاءة.

إنهم لا يؤمنون بالانتخابات كأداة ديمقراطية نزيهة، ولا يعترفون بالتعيين القانوني كإجراء منضبط، بل يُريدون كل شيء بأثر رجعي ومزوّر.

بين القضاء والفيتو الرياضي: من له الحق في التعيين؟
لخّص المهندس غسان الموقف القانوني بدقة:
• الانتخاب حق أصيل للأندية، لا يملكه أحد سواها عبر جمعيتها العمومية.
• التعيين هو حق للوزير، وقد مارسه بالفعل، وتمت إجازته وتسليمه لمحكمة التنفيذ.
• الاتحاد السوداني لا يملك الحق في أيٍّ منهما، لا التعيين ولا الانتخاب، ودوره يظل مراقبًا لا متدخّلًا.

وبالتالي، فإن أي خطوة من الاتحاد العام تُخالف هذا التوصيف، تُعد اعتداءً قانونيًا صريحًا على المؤسسات، وتحمل في طيّاتها خطرًا كبيرًا على شرعية الاتحاد نفسه أمام الجهات الدولية.

لا شرعية لمن يدخل من الباب الخلفي!
إلى جمهور كرة القدم السودانية، إلى الغيورين على مستقبل رياضتنا، نقول:
ليس كل من جاءنا بربطة عنق وملف، يستحق قيادة مؤسسة رياضية.
وليس كل من رفع شعار “الإصلاح” كان إصلاحيًا بالفعل.

افتحوا أعينكم!
فمن يأتي من الباب الخلفي، ملتفًّا على القانون، متجاوزًا لأحكام القضاء، لا يمكن أن يكون جديرًا بثقة الشارع الرياضي.
من يحاول تسلّق لجان التسيير والوساطات كأنها سلالم سريعة للمجد، لا يملك مشروعًا، بل يملك غاية مريضة.

صرخة ضمير:
حذارِ من صمتكم!
هذه لحظة لا يصلح فيها الحياد، لأن الصمت هذه المرة يعني القبول بسيادة الفوضى.

حماية الشرعية ليست مهمة القانونيين وحدهم، بل هي واجب كل جماهير الأندية، وكل إداري شريف، وكل إعلامي حر.
لا تسمحوا للغوغاء أن يكتبوا مصير مؤسساتكم.
لا تتركوا “جنجويد الرياضة” يحكمون من وراء الستار.

وأهلك العرب قالوا:
“إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت، وإذا لم تُحاسَبْ فسد ما شئت.”

فلنُحاسبهم قبل أن يُصادروا مؤسساتنا!
لنُغلق النوافذ الخلفية، ونُمسك المفاتيح من أيدي أصحابها الشرعيين.
ولنعلم أن معركتنا ليست ضد أفراد، بل ضد ثقافة التسلّل والانتهاك، وضد جنجويد يلبسون قمصان الرياضة، ويذبحون قيمها من الوريد للوريد.

الكرة في ملعبكم، وأنتم وحدكم من سيُبقي هذا الملعب ميدانًا نزيهًا… أو ساحة خراب.

والله المستعان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
XFacebookYoutubeInstagram
error: محمي ..