توشح الثعلب عمامة الواعظ… فهل يغفو الديك؟

توشح الثعلب عمامة الواعظ… فهل يغفو الديك؟
أبو بكر الطيب
في مشهدٍ يستحق أن يُسجل في خانة “المكر الرياضي”، خرج علينا أسامة عطا المنان، نائب رئيس الاتحاد السوداني لكرة القدم، ببيان وعظي يتحدث فيه عن الفراغ الإداري في اتحاد الخرطوم، ويتقمص فيه دور الحريص على شرعية الأندية وحماية اللاعبين، وكأنه فجأةً أصبح “شيخًا” في محراب العدالة!
لكأننا أمام نسخة حديثة من نشيد الطفولة الخالد:
“بَرَزَ الثعلبُ يومًا في ثيابِ الواعِظينا، ومشى في الأرض يهدي ويَسُبُّ الماكرينا…” غير أن “ديك الحقيقة” في مشهدنا الرياضي لم يصحُ بعدُ ليقولها صريحة: مخطئٌ من ظن يومًا أن للثعلب دينا.
أسامة عطا المنان.. واعظ اللحظة الأخيرة؟
يتحدث أسامة اليوم عن أهمية تكوين جسم قانوني لإدارة التسجيلات، ويُحذر من انهيار شرعية الأندية، بينما هو ذاته من ساهم من قبل في إهدار تلك الشرعية، حين سُلبت أندية ود نوباوي وتوتي والزومة حقوقها دون أن يحرّك ساكنًا، أو يفتح الله عليه بكلمة اعتراض.
فأيّ منطق يقبل أن يتحول الجاني إلى خطيب جمعة؟
وهل نحن فعلاً في زمن “المسامح كريم”؟ أم أن الرجل يراهن على ذاكرة مثقوبة ووعي منقوص؟
بين خطاب الورق ومسلك الواقع.. تناقض صارخ
في خطابه، يُظهر أسامة قلقًا مشروعًا على مصير التسجيلات، وكأن اتحاد الخرطوم سقط من السماء، لا من رحم الفوضى التي صاغها، الاتحاد العام.
لماذا لم يتحرك قبل عامين، حين بدأت الأزمة تتضخم؟
لماذا لم يُفعّل صلاحياته لإنقاذ الأندية التي تعرضت للغبن، بدلًا من الصمت ثم الإطلالة كـ”مُنقذ عظيم”؟
إن ما تبقى من هؤلاء اللاعبين الذين لم يُكملوا مدتهم هو عدد قليل، ولا يحتاج كل هذا التهويل والتضخيم الذي جاء في البيان. فمعظم اللاعبين، إن لم يكن جميعهم تقريبًا، قد أصبحوا أحرارًا بالفعل.
هذا التأخر في التدخل، الذي جاء بعد سنوات من التوقف والضرر، يطرح سؤالًا حرجًا: هل كان هذا التأخير متعمدًا؟ وهل جاءت هذه المبادرة الآن، بعد أن أصبح في تلافي جزء بسيط من المشكلة “مصلحة عائدة للاتحاد العام” نفسه؟
إن دعوته اليوم لتشكيل لجنة مؤقتة لا تعدو أن تكون محاولة ترميم سطح بيتٍ تهدم أساسه بفعل فاعل، والفاعل معلوم، إن ديك الأندية لا يغرد على ألحان المنافقين.
من يقرأ بيان أسامة عطا المنان يظن أن الرجل لم يكن يومًا جزءًا من المنظومة التي تواطأت على ظلم الأندية. لكن الحقيقة التي لا مهرب منها هي: أنه كان صامتًا حين احتاجت الأندية لصوته، ومتواطئًا حين لزم أن يكون منصفًا، ومراوغًا حين انكشف الخلل.
فهل يحق له الآن أن يُحاضر فينا عن العدالة والانضباط والحرص على القانون؟
بل هل نُصدّق أن من ظلم ود نوباوي بالأمس، جاء اليوم ليبكي على لاعبي الخرطوم؟
كفى عبثًا… وذرًا للرماد في عيون الأندية.
وقبل الختام…
أسامة عطا المنان هو جزءًا من أزمة اتحاد الخرطوم، وهو أحد صانعيها. وإن محاولته ارتداء عباءة الإصلاح في هذا التوقيت ليست إلا مناورة مكشوفة، تثير السخرية أكثر مما تستحق الاحترام.
وأهلك العرب قالوا: “قلة الحياء علامة الشقاء، واللي اختشوا ماتوا”.
لكننا في هذا المشهد لن نصمت…
والله المستعان
