أبو عاقلة أماسا
كثرة الصراعات والأزمات، دليلٌ على أن داءً عضال قد أصاب الكرة السودانية والوسط الرياضي، ودليل على التراجع أو قل انعدام الممسكات والثوابت والمبادئ، التي كانت تحدد ملامح المجتمع الرياضي في السابق، وفي المقابل سيطرة ثقافة التكتلات والمصالح الخاصة، لأن العملية الرياضية المعهودة لا تحتمل ما يجري عندنا الآن، ولا تستحق كل “قومة النفس” وهذا الكم المُرعب من المشاحنات والعداءات، ولو عدنا إلى الثوابت الرياضية التي تتّسع للرأي والرأي المضاد، ووسعنا حقول الرؤية للأشياء بحيث نتمسك أكثر بمبدأ الصواب والخطأ، سنكون قد قطعنا الطريق على الدخلاء، ممن أصبحت مكاسبهم المادية والمعنوية تزدهر مع الخلافات والإنقسامات بين الرياضيين، في الأندية والاتحادات وحتى في روابط المشجعين!
* أما الأجواء الحالية في اتحادات وأندية الكرة السودانية، فإنها غير محفزة لتطوير اللعبة، بل يجوز وصفها بأنها طاردة لكل ذو قدرة على العطاء والإبداع، وحتى الذين يضحون الآن ويجدون متعة في تضحيتهم سيجدون أنفسهم مجبرين على مغادرتها، لأن للإنسان قوة احتمال محدودة، وكلما ازادت الضغوط إرتفعت وتيرة الملل وتراجعت الرغبة في الإستمرار!
* لأول مرة في التاريخ الحديث، نرى معارضة في الاتحاد السوداني لكرة القدم، الذي أرسى السابقون به أدبًا كان عبارة عن محاضرات عملية عن الديمقراطية وأجواءها وآدابها، وعادة ما كانت الانتخابات تنتهي بإعلان نتيجتها، وبعدها يتعانق الفائزون والمجموعات الأخرى، ويعود الناخبين إلى قواعدهم سالمين، لا مشاحنات ولا سمعوا ولا قالوا، أما الآن فحدث ولا حرج، بعد فوز مجموعة التغيير شهدنا ذات الثقافة التي أقعدت أنديتنا الكبيرة، حيث تشكلت معارضة قوامها مجموعة النهضة، وتحولت القضية من تلك الممارسة الراقية في الماضي، إلى حالة من الجدل أسوة بما حدث في المريخ، والبطل هو نفسه مدثر خيري، الذي يقود الناس إلى محكمة “كاس” ليبرهن للسودانيين إنه خبيرٌ بالقوانين الرياضية، متخذًا من “الجدل” وسيلة لعرض بضاعته، وكما قيل في الماضي: “آفة النصح أن يكون جدالًا”، وعندما نتمسك بثوابت العمل الرياضي وروحه فإن النتيجة ستكون أفضل بكثير مما يحدث الآن، وسيعود حسن برقو مثلاًا لقيادة الاتحاد عبر عمليةٍ انتخابيةٍ أخرى، ويجد الأجواء مُحفِّزة للتطوير والتنظيم، أما إذا استمرت الأمور كما هي عليه الآن فسوف ينجرف الناس وراء الصراعات، وتستنزف الكوادر الرياضية إمكانياتها وقدراتها، في قضايا وصراعات فارغة وتموت جذوة الكرة السودانية.
حواشي
* في المريخ نموذج أفرزته الصراعات، هو حصاد تمييع الثوابت وإنكارها والانشغال بأمورٍ شخصية ولا داعي للتفاصيل، الكل يعرف تفاصيل ما حدث ويحدث!
* في السابق كنا نكتب آراءنا وأعمدتنا بالصورة المألوفة، التي ننتقد فيها مجالس إدارات المريخ بحدة على الأخطاء، التي يمكن أن تهدد مسيرة الفريق، وفي المساء ندخل دار النادي بصورة طبيعية، وفي الغالب يكون ما كتبناه موضوعًا للنقاش والحوار المفيد للطرفين، وغالبًا ما يخلص إلى نتيجة تُعَمّم على الجميع، دون أن يعمد طرفٌ لاتهام الآخر ويبتزه بكلمة معارضة أو مشايعة أو تطبيل، لأن الهم المشترك كان هو المريخ!
* استمرت هذه الحالة حتى الحقبة الأولى من سنوات جمال الوالي، ولكن بعد دخول “الملكيين” اختلفت الأمور وانحرفت، لدرجة أنه عندما نكتب رأيًا حول قضية من القضايا، ويتفق معنا على صحته رئيس النادي نفسه، إلا أن “الملكيين” يبادرون بالتصنيف هذا معارضة وذاك صاحبُ أجندة!
* مع أن أجندة المريخ كلها، ينبغي أن تنحصر في “الصواب والخطأ”، الصواب يُدعَم والخطأ يُحارَب!
* قبل أيام انطلقت منصة “الصّفوة” المريخية، فانطلق البعض إلى تصنيفها واجتهد الكثيرون في ذلك، وبالنسبة لي فالأمر لا يهم كثيرًا، فما يكتب عبر هذه المساحة سيكتب وينشر في أي مكان، وهو غير يرتبط بفكرة معارضة أو مشايعة طرفٍ من الأطراف، فلست أُنكِر الإنجازات التي تتحقق وفي ذات الوقت فلا أُناصِر من لا يستحق.
* لو سوداكال نفسه قرر إصدار صحيفة رياضية، وقدم لي عرضًا لأكون ضمن طاقمه لما رفضت، والعِبرة هنا في “ماذا أكتب؟” وليس في “أين أكتب؟”.
* أكتب في الصدى وكورة سودانية والصّفوة، بلغةٍ واحدة ومنطقٍ واحد ومبادئ ثابتة وراسخة، ربما لا يُقدِّر ذلك فئة من الناس، لكنني على ثقة بأن الغالبية العظمى من القراء يستطيعون التمييز بين الحقيقة ودغدغة المشاعر!
* ما لم يصل المريخاب لمرحلة يُجمِعون فيها على أن الخطأ هو الخطأ بغض النظر عن مرتكبه، سواءً كان ثريًا ووجيهًا أو كان فقيرًا ومُعدَمًا، وأن الصواب هو الصواب بفقه “أصابت امرأة وأخطأ عمر” فلن تتوقف أزمات النادي، وسوف ننتقل من ازمة لأخرى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها!
* أكثر أعضاء مجلس المريخ شقاءً، سيكون مولانا أسامة الماحي نائب الرئيس للشؤون الإدارية والقانونية، لأنه سيكون مُطالبًا بتطبيق قواعد المُؤسسية، مع شخصيات ديدن حياتها العشوائية والجوطة والكذب والخداع!