وسط الرياح

في مواجهة القانون

عدد الزيارات: 21٬004

أبو بكر الطيب

في مواجهة القانون

أبو بكر الطيب

في تطور خطير وغير مسبوق في الساحة الرياضية السودانية، صدر قرار مثير للجدل بتكوين لجنة تسيير لاتحاد الخرطوم المحلي لكرة القدم، منسوبًا لمجلس إدارة الاتحاد السوداني لكرة القدم، دون أن يسبقه اجتماع رسمي، أو يصدر عبر القنوات القانونية والإدارية المنصوص عليها في النظام الأساسي.

هذا القرار، الذي شكّل صدمة واسعة في الأوساط الرياضية والقانونية، يسلط الضوء على خلل عميق في منهج صناعة القرار داخل الاتحاد السوداني، ويفتح الباب أمام أسئلة مشروعة حول شرعية ما حدث، ومشروعية من يقف وراءه، وأثره المباشر على نزاهة العمل الرياضي في البلاد.

أولاً: قرارات دون مجلس… تزوير أم تغوُّل؟

إصدار قرار إداري على لسان مجلس لم يجتمع يُعد مخالفة صريحة للحوكمة المؤسسية، ويفتح باب الشك في وجود:

تغوُّل جهة داخل المجلس على بقية أعضائه.

تزوير إداري محتمل في التوقيعات أو الأختام أو محاضر الاجتماعات.

محاولة لفرض أمر واقع مفاجئ على الساحة الرياضية والجماهيرية.

إن تجاوز المجلس والانفراد بقرار خطير مثل تشكيل لجنة تسيير لاتحاد محلي عريق دون إجراءات رسمية هو اعتداء صريح على القانون والشرعية.

ثانيًا: المسرحية المتكررة… “التسيير” كأداة للإقصاء

بات واضحًا أن بعض الأطراف داخل المنظومة الرياضية تستخدم لجان التسيير كوسيلة لإقصاء خصومها أو إعادة ترتيب الميدان بما يخدم مصالحها. وفي هذه الحالة:

جاء القرار في توقيت متضارب مع حكم قضائي نافذ، ما يجعله محل طعن قانوني مباشر.

تم تنفيذ القرار بسرعة لافتة، وكأن الغرض هو تفويت الفرصة على أي مسار للطعن.

كشف التسريب الصوتي لموقع نائب رئيس الاتحاد عن حالة من التضليل المتعمد داخل مؤسسة الاتحاد.

تُظهر هذه الحيثيات أننا لسنا أمام “قرار إداري” فقط، وإنما أمام عملية شبهة تتطلب مراجعة جذرية.

ثالثًا: “مجموعة التطوير”… تضييق الدائرة وخنق التعدد

القرائن تشير إلى أن ما يُعرف بـ”مجموعة التطوير” داخل الاتحاد السوداني ترفض الانفتاح على أي عناصر جديدة أو إصلاحية، وتسعى للاحتفاظ بنفوذها القديم عبر وسائل غير ديمقراطية، منها:

تضييق فرص المشاركة داخل الاتحاد على أطراف موالية.

تحييد الأعضاء السابقين عبر اختراقات ناعمة تستند للعلاقات أو الولاءات.

تعزيز فكرة “الموالاة مقابل البقاء”، مما يُفرغ الاتحاد من مضمونه الديمقراطي.

هذه الأساليب تقود إلى خنق الحراك الإصلاحي وتحويل الاتحاد إلى دائرة مغلقة من النفوذ غير المؤسسي.

رابعًا: التسجيلات الصوتية… محاولات استباق الفضيحة أم أدوات إصلاح؟

التسجيل الذي خرج من داخل قيادة الاتحاد، يؤكد وجود خلل كبير في آلية اتخاذ القرار:

يعكس انعدام التنسيق داخل المجلس.

يُكذّب الادعاء بوجود إجماع على قرار التسيير.

يعطي شرعية كاملة للاعتراض القانوني والجماهيري على القرار.

ورغم أن هذه التسجيلات قد لا تكون حججًا قضائية بحد ذاتها، إلا أن لها قيمة كبرى في التأثير على الرأي العام، وتعري الواقع الداخلي للاتحاد السوداني أمام الشفافية والمساءلة.

خامسًا: لجان “كرت الشحن المحروق”… دُمى في مسرح لا جمهور له

أفراد لجنة التسيير المعينة، بقبولهم أداء دورهم رغم كل الشبهات، وضعوا أنفسهم في خانة بالغة الخطورة:

فقدوا المصداقية في أعين الجمهور الرياضي.

تحدّوا أحكامًا قضائية قائمة، مما يفتح باب الملاحقة القانونية.

ارتضوا الظهور بمظهر “الدمى المتحركة” في سيناريو مُعدّ سلفًا، بدلًا من أن يكونوا قيادات رياضية ذات كرامة واستقلال.

كل من تورّط في هذا العبث، إداريًا أو شكليًا، معرض للمساءلة القانونية والأخلاقية والرياضية.

وقبل الختام:

حين تُكسر البوصلة المؤسسية… يضيع الطريق

ما جرى في أزمة اتحاد الخرطوم لا يمكن تصنيفه كخطأ إداري، ولكنه تحدٍّ صريح للقانون، ولمكانة القضاء، ولنزاهة الاتحاد الرياضي.

الصمت عن هذا العبث هو تواطؤ، والمشاركة فيه إهانة.

إن الرياضة لا تقوم بالأكاذيب ولا تُدار بالتسجيلات، وإنما بالشفافية، والمؤسسية، والإرادة الصادقة للإصلاح.

وأهلك العرب قالوا:
بالله شوف
بالله شوف ساقية جحا
تيرانها كيف متناطحة
والرياضة حالها مكشوف
بالله شوف

والله المستعان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
XFacebookYoutubeInstagram
error: محمي ..