وسط الرياح

دكتاتورية الكرسي.. أهم من الكرة!!

عدد الزيارات: 21٬003

أبو بكر الطيب

أبوبكر الطيب

لم تعد قرارات الاتحاد السوداني لكرة القدم بحاجة إلى تحليل سياسي أو قراءة ما بين السطور؛ فهي أوضح من أن تُخفى. ما جرى تجاه اتحادات الجنينة وغيرها، وما تمارسه اللجنة القانونية من تعسف ضد الأندية التي تجرأت على قول “لا”، يكشف أن القائمين على أمر الاتحاد باتوا يعتبرون الكرسي مصدرًا للهيبة لا منصةً للعدل، ومصدرًا للارتزاق لا لتطوير اللعبة.

فالقرارات التي تم اتخاذها ضد أندية ود نوباوي وحي العرب وغيرها، جاءت بسبق الإصرار والترصد، ولا تحتاج إلى محاولات البعض لتبريرها. فهي سلوك دكتاتوري ممنهج يهدف إلى التركيع والإذلال وتكريس سطوة الاتحاد العام على غير الموالين وتكميم الأصوات المستقلة.

اتحاد الخرطوم… مستعمرة لا اتحاد
اتحاد الخرطوم أبدع في تحويل نفسه إلى صورة كربونية من الاتحاد العام، يتغذى على التبعية والولاء الأعمى، لا على الاستقلالية وحسن الإدارة. فلا تصدر قرارات دون رضا “الكف الكبير”، ولا مواقف تُتخذ دون ضوء أخضر، بغض النظر إن كانت متسقة مع القانون أو مخالفة له، كما شاهدنا مؤخرًا مهزلة تعيين لجنة تطبيع لاتحاد الخرطوم رغم وجود قرار قضائي صادر من المحكمة العليا.

أصبح الاتحاد المحلي مجرد ذراع باطشة تستخدمه القيادة العليا متى ما أرادت الانتقام من نادٍ أو إرهاب مجموعة، والأسوأ أنه لم يجد مانعًا من التآمر ضد القانون بدلًا من الاحتكام إليه.

الكيانات الرياضية… صورة مصغرة للدكتاتورية
لم تسلم الأندية بدورها من هذا الداء؛ فما يحدث في بعضها يُعد صورة مصغرة للدكتاتورية الكبرى:

قلة مسيطرة

قوانين مرنة بحسب المزاج

تهميش للأصوات المستقلة

إقصاء للكفاءات

استخدام المناصب كوسيلة للغنيمة

إنه نفس النموذج الدكتاتوري، ولكن بحجم مصغر، كأننا أمام مسرح عرائس تتحرك خيوطه من غرفة واحدة في مباني الاتحاد العام.

عندما يصبح القانون أداة للبطش
الأخطر ليس فساد القرارات فحسب، بل شرعنتها، فـ”تُرزّية القوانين” الذين يتصدرون المشهد القانوني لا يكلّون عن تفصيل النصوص وتلوين اللوائح لتبدو في الظاهر قانونية، وفي الباطن كارثية. هؤلاء هم الحرفيون في قلب الحق باطلاً والباطل حقًا.

من ود نوباوي إلى توتي… رحلة النفي الإداري
نادي ود نوباوي تحدى الطغيان وسيعمل جاهدًا على تطبيق القانون، حتى لو أدّى ذلك إلى هبوطه.
الزومة اعتذرت وما زال مصيرها مجهول العدالة، وتوتي عارضت فدخلت دائرة التهديد والإقصاء.

هذه الأندية ستدفع ثمن وقوفها في وجه طغيان الاتحاد، ولو أنها انحنت قليلاً لحافظت على بقائها، لكنها آثرت الكرامة على الاستسلام، وهي البطولة الحقيقية التي يخشاها كل مستبد.

إذن ما العمل؟
التغيير لن يكون سهلاً، لكن بدايته معروفة:

  1. الفضح لا الصمت: كشف التلاعب، توثيق الجرائم الإدارية، وفضح الصفقات المشبوهة.
  2. مواجهة تُرزّية القوانين: تطهير اللجان القانونية من الانتهازيين واستبدالهم بمستقلين أصحاب كفاءة وشجاعة.
  3. الاحتكام للمحاكم الدولية: اللجوء إلى كاس (CAS) أو الفيفا، فالدكتاتورية لا تفهم إلا لغة الضغط والقرارات الملزمة.
  4. الحراك الجماهيري الرياضي: الجماهير هي حائط الصد الأول ضد الفساد والمطالبة بإعادة هيكلة شاملة.

وأهلك العرب قالوا:
“إذا كنت في قومٍ فاحذر من منافقهم… فإن شر الناس من خبثه يُغريك.”

وإنّا نقول:
“الدكتاتورية ريحٌ خبيثة، لا تزول إلا حين تُقطع الأشجار التي تحتمي بها.”

فهل نبدأ أولى ضربات الفأس مع ود نوباوي؟
والله المستعان

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
XFacebookYoutubeInstagram
error: محمي ..