الرأي

بين الحَكَم والداعي للوفاق… حان وقت الوضوح في مسار المريخ

عدد الزيارات: 21٬009

ياسر صديق العمدة

الصّفوة – ياسر صديق العمدة

في خضم الأزمات المتكررة التي يعيشها نادي المريخ، تتكاثر المبادرات والتدخلات من شخصيات وهيئات تحاول إنهاء الصراعات المتجذرة بين المكونات الإدارية، والتي قادت بدورها إلى صراعات قانونية، إعلامية، وحتى جماهيرية.

وقد دار في الفترة الأخيرة جدل كثير حول “الوفاق” و”لجان الوفاق”، بل وصل الأمر إلى التشكيك في نوايا بعض المبادرين، مما جعل كثيرين يخلطون بين دور الشخص “الحَكَم” أو “المحكَّم” الذي يصدر قرارات ملزمة، وبين دور الشخص الداعي للوفاق الذي يسعى فقط لتقريب وجهات النظر.

ومع كثرة هذه المحاولات والخلط المصاحب لها، أصبح من الضروري أن نُميّز بين نوعين من الأدوار التي تظهر في الأوقات الحرجة، حتى لا نهدم بأيدينا ما تبنيه النوايا الطيبة.

أولاً: من هو “الحَكَم”؟

الحَكَم في أي نزاع هو الشخص أو الجهة التي يتم تفويضها أو قبولها كمرجع للفصل في النزاع. وظيفته الأساسية إصدار قرار نهائي أو حكم ملزم، وقد يستند في ذلك إلى قوانين أو أعراف أو قبول مجتمعي أو مؤسسي. هذا الدور يتطلب:

  • الحياد.

  • القدرة على اتخاذ القرار.

  • القبول من الأطراف المتنازعة.

الحَكَم لا يسعى فقط إلى التهدئة، بل إلى الفصل العادل والحاسم بين المتنازعين.

ثانيًا: من هو “الداعي للوفاق”؟

هو الشخص أو الجهة التي تسعى إلى رأب الصدع وتقريب وجهات النظر، دون أن تملك سلطة إصدار قرار أو حكم ملزم. دوره يقوم على:

  • التمهيد للحل.

  • خلق بيئة آمنة للحوار.

  • تهدئة التوتر.

  • بناء الثقة بين الأطراف.

الداعي للوفاق لا يحكم، بل يمهّد الطريق لمن يُفترض أن يحكم لاحقًا.

ثالثًا: ما الفروقات الجوهرية بين الدورين؟

فيما يلي عرض مبسّط لأهم الفروقات الجوهرية بين “الحَكَم” و”الداعي للوفاق”، بعيدًا عن أي خلط في الوظيفة أو الهدف:

  1. الوظيفة الأساسية

  • الحَكَم يصدر حكمًا ملزمًا أو مرجعيًا.

  • الداعي للوفاق يسعى لتقريب وجهات النظر وفتح باب الحوار.

  1. السلطة والصلاحية

  • الحَكَم يعتمد على تفويض قانوني أو عرفي.

  • الداعي للوفاق يستند إلى سلطة معنوية أو احترام مجتمعي فقط.

  1. الحياد المطلوب

  • كلاهما يجب أن يكون محايدًا، لكن الحَكَم قد يُلزم طرفًا بقرار لا يرضيه، بينما الداعي للوفاق يتجنب المواجهة المباشرة.

  1. الأدوات المستخدمة

  • الحَكَم يعتمد على الأدلة واللوائح والقوانين.

  • الداعي للوفاق يعتمد على الحوار والتسامح وحسن الظن.

  1. النتائج المتوقعة

  • الحَكَم يهدف إلى إنهاء النزاع بحكم يُنفّذ.

  • الداعي للوفاق يهدف إلى خلق مناخ يؤدي إلى حل سلمي وتدريجي.

رابعًا: أين تكمن الخطورة؟

عندما يختلط الدوران، ويبدأ من يُفترض به أن يكون داعيًا للوفاق بإصدار أحكام ومواقف قاطعة، أو يتحول الحَكَم إلى مهادِن يرفض الحسم باسم التهدئة، فإن النتيجة تكون ضياع الثقة وضياع الحل معًا.

وهذا ما حدث – للأسف – مرارًا في مشهد نادي المريخ. شخصيات تحاول أن تجمع كل الأدوار في يدها، فتفشل في كسب احترام الأطراف، ولا تحقق أي تقدّم فعلي على الأرض. وكذلك هناك من يخلط في الحكم على شخصيات أو مجموعات، فيطالب الحَكَم بأن يكون داعيًا للوفاق، ويطالب الداعي للوفاق بأن يكون حَكَمًا!

خامسًا: ما الذي يحتاجه المريخ الآن؟

لكي يخرج نادي المريخ من أزماته، فإن المرحلة تتطلب:

  • مبادرين للوفاق يمتلكون الحكمة، والقبول المجتمعي، والقدرة على التهدئة، يقومون بجمع المتصارعين على طاولة النقاش تحت أجندة متفق عليها.

  • جهة مفوّضة ومحايدة يُتفق عليها لإصدار حكم نهائي في أي نزاع لا يصل فيه المتصارعون لرأي موحد.

  • تحديد واضح للأدوار، حتى لا تتكرر حالات التداخل والفشل.

دعوة ختامية من “مسار”:

لكي ينهض المريخ، لا نحتاج إلى عشرات التصريحات ولا مبادرات شكلية، بل نحتاج إلى وعي جماعي بأهمية وضوح الأدوار. فليس كل من سعى للصلح يصلح أن يكون حَكَمًا، وليس كل من تم تفويضه للفصل ينبغي أن يهادن أو يساير.

ليكن من شعارات المرحلة:
“وضوح الأدوار هو أول طريق الإصلاح.”

 

 

  • Beta

Beta feature

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
XFacebookYoutubeInstagram
error: محمي ..