وسط الرياح

الوفاق المريخي.. من الغرف المظلمة إلى النور

عدد الزيارات: 21٬008

474

أبو بكر الطيب

في ظل هذه الأزمة التي يعيشها المريخ، يعلو صوت الخلافات على صوت الحكمة، وتتزاحم البيانات والاتهامات، بينما تضيع بوصلة النادي بين مجلس مستقيل، ولجان مرفوضة، وأطراف تتمسك بالشرعية، وأخرى تتصرف وكأن النادي إرث خاص.

لقد تابعنا في الأيام الماضية مقالات ورسائل حملت الكثير من الألم وخيبة الأمل، منها ما أشار إلى “الغرف المظلمة” و”نزعة التفرد” و”تجار الخلافات”. ورغم أن تلك الكلمات كانت حادة، إلا أنها تمثل شعورًا حقيقيًا لدى الكثيرين، شعورًا بأن النادي يُدار في الظل بعيدًا عن أعين جماهيره، وبأن القرارات تُطبخ خلف الأبواب المغلقة.

لكن الحقيقة التي يجب أن نتفق عليها جميعًا هي:
لا وفاق بلا شفافية… ولا وحدة بلا مشاركة الجميع.

ما المشكلة حقًا؟
المشكلة ليست في وجود الخلافات، فالاختلاف أمر طبيعي في أي نادٍ كبير، لكن الكارثة هي غياب آلية واضحة وعلنية لإدارة هذه الخلافات. أن تجلس مجموعة صغيرة في غرفة مغلقة وتقرر مصير النادي بمعزل عن بقية الأطراف، فهذا ليس وفاقًا، فالوفاق لا يحتاج لتلك الغرف المغلقة، وإنما يمكن أن نسميه إعادة إنتاج للأزمة.

المطلوب الآن من الصفوة:

طاولة حوار علنية تجمع كل الأطراف المريخية، دون إقصاء أو انتقاء.

تحديد أولويات عاجلة، على رأسها تجهيز فريق الكرة فنيًا وإداريًا وتسجيلاته، لأنه واجهة النادي ورمز كرامته.

اتفاق مكتوب وملزم على خارطة طريق انتقالية، تضمن الاستقرار حتى نهاية الموسم، بعيدًا عن أي حسابات انتخابية أو شخصية.

ماذا عن صناع الأزمات خلف الكواليس؟
إن من يرفض الجلوس إلى طاولة الحوار، أو يتمسك بموقعه بلا تفويض حقيقي، أو يضع مصلحته فوق مصلحة النادي، هو جزء من الأزمة. والرد على هؤلاء لا يكون بالهجوم، وإنما بإغلاق منافذ العمل في الظلام، وفتح الأبواب أمام نقاش علني لا يترك مجالًا للمناورات.

وقبل الختام:
المريخ يسع الجميع، وأغلى من أي منصب أو لقب. إذا كان البعض يرى أن التنازل ضعف، فليعلم أن التنازل من أجل الكيان هو عين القوة. وإذا كان الحوار في نظر البعض مضيعة للوقت، فليتذكروا أن الفوضى تستنزف من الوقت أضعاف ما يوفره العناد.

يا صفوة المريخ،
هذه دعوتنا لنعبر الأزمة معًا: بالعقل لا بالعاطفة، بالشفافية لا بالأبواب المغلقة، وبالوفاق لا بالإقصاء. فإما أن نصنع مستقبلنا بأيدينا، أو نتركه فريسة للفراغ والخصام.

لقد ابتُليت أمة المريخ في زماننا هذا بهذا الداء الوبيل والشر الكبير: داء الفرقة والاختلاف وعدم الاتفاق على شيء، وكثرة المهاترات والتناحرات حتى على أمور بسيطة أو مسائل اختلافية اجتهادية.

وأهلك العرب قالوا:
كل خائن يختلق لنفسه ألف عذر وعذر ليقنع نفسه بأنه فعل الصواب.

لا قيمة أبدًا للوفاق إن انعدم الجهر به.
والله المستعان.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
XFacebookYoutubeInstagram
error: محمي ..