المريخ… أزمة فراغ أم أزمة فكر؟

أبوبكر الطيب
يمر المريخ هذه الأيام بامتحان هو الأصعب منذ سنوات، امتحان يختبر صلابة الفكرة قبل قوة النادي، ويكشف عن هشاشة البنية الإدارية قبل أي نقص في الكوادر. فحتى هذه اللحظة، لم ينجح أبناء المريخ في التوافق على لجنة تسيير تقود النادي للخروج من هذا المأزق، وكأننا أمام مشهد من معضلة إدارية فريدة من نوعها.
السؤال الذي يفرض نفسه: كيف لنادٍ بحجم المريخ، بتاريخ يمتد لعقود من المجد والبطولات، أن يقف عاجزًا عن اختيار لجنة تسيير في ظرف أيام أو أسابيع؟ أين العقول التي يُفترض أنها تحمل همّ الكيان؟ وأين لجنة الوفاق التي بشرتنا يومًا بأنها مفتاح الحل، فإذا بها تغيب في لحظة الامتحان وكأنها لم تكن؟
إن الفشل في تكوين لجنة التسيير، هل هو عجز في إيجاد الأسماء، أم فشل في تجاوز الحسابات الشخصية وتقديم مصلحة النادي على النزاعات الضيقة؟ هل المريخ اليوم يفتقر إلى الرجال القادرين على القيادة؟ أم يفتقر إلى الإرادة الصادقة التي تجمعهم على طاولة واحدة، بعيدًا عن منطق الكراسي والمصالح الشخصية؟
ثم هناك تلك الإشاعات التي صارت جزءًا من المشهد اليومي: كل بضعة أيام، يخرج علينا خبر “موثوق” بأن لجنة التسيير سيتم إعلانها خلال ساعات، فيفرح الجمهور ويستعد لسماع الأسماء… ثم لا يحدث شيء! جعجعة بلا طحين، ووعود تتبخر قبل أن ترى النور. هذه الإشاعات، سواء كانت مفتعلة أو ناتجة عن سوء إدارة للمعلومة، لا تزيد الوضع إلا توترًا، وتُشعر الجماهير بأن الكيان أصبح ملعبًا للارتجال والفوضى والمسكنات.
هل أزمة المريخ ناتجة عن فراغ إداري أم هي أزمة فكرية وهيكلية؟ مؤسسة بهذا الحجم يجب أن نضع لها نظامًا يضمن استمرارية الإدارة حتى في حالات الاستقالة أو الإقالة، وأن تكون لديها آليات واضحة وشفافة لانتقال السلطة، لا أن تترك مصيرها للأمزجة والصفقات اللحظية.
إن المطلوب اليوم هو قيادة حقيقية ذات رؤية، تدرك أن الأزمات فرصة لإعادة البناء لا لتصفية الحسابات. قيادة تعيد للنادي هيبته كمؤسسة رائدة، وتغلق الباب أمام الفوضى الإعلامية والشائعات المضللة.
وأهلك العرب قالوا:
جات الحزينة تفرح ما لقت ليها مطرح
وجاء يكحلها عماها
وقالوا أيضًا:
جاء يطلب مسعدةً فوجد كل الديار خاليةً
والله المستعان
Beta feature
