التداول في قضايا إدارة الأندية.. مؤسسية تضمن القرار الرشيد وسرية تحمي المصلحة

الصّفوة – ياسر صديق العمدة
نحن في زمن أصبح الجميع فيه موقنًا ومؤمنًا أن كرة القدم أصبحت صناعة متكاملة تُدار بمهنية وعلمية ولا مجال فيها للعشوائية والفوضى. لذلك لم يعد النجاح فيها مرهونًا فقط بالنتائج على أرضية الملعب، بل صار مرتبطًا بمدى قدرة إدارات الأندية على ترسيخ مبدأ التداول مع الالتزام بالمؤسسية، بوصفه ركيزة أساسية للحوكمة الرشيدة وصناعة القرار السليم وحمايته.
ويحق لنا أن نقول: التداول هو ضمانة للمؤسسية، إذا علمنا أن اعتماد إدارات الأندية على أسلوب التداول في القضايا المصيرية — سواء كانت مالية، تنظيمية أو رياضية — يعني أن القرارات تُصنع داخل مؤسسات النادي وفقًا للمعطيات التي تراها الإدارة، لا عبر اجتهادات فردية أو قرارات ارتجالية أو إملاءات خارجية. وهنا يظهر جوهر العبارة المحورية: ترسيخ مبدأ التداول مع الالتزام بالمؤسسية كشرط لضمان المهنية الفاعلة في أداء الإدارة لدورها، وتقليل الأخطاء، وتعزيز ثقة الأعضاء والجماهير فيها، والمؤسسات والأفراد الذين يتعاملون مع النادي.
ومن جانب آخر، تعني سرية المعلومات حماية مصالح النادي. ومع أهمية التداول تبقى السرية عنصرًا حيويًا في حماية مصالح النادي، وضمان استقلالية القرار الإداري. فالتسريب العشوائي للمعلومات:
- يهدد الصفقات.
- يزعزع استقرار الفريق.
- يضر بصورة النادي العامة وينفّر من التعاقد معه.
- يخلق جوًا عامًا متضاربًا ينعكس كعدم ثقة في الإدارة وقدراتها.
لذا فإن التداول المؤسسي يجب أن يتم في أطر مغلقة، مع ضبط محاضر الاجتماعات، وعدم كشف التفاصيل إلا عبر بيانات رسمية بعد اتخاذ القرارات. وهكذا يصبح ترسيخ مبدأ التداول مع الالتزام بالمؤسسية مقرونًا بحماية أسرار النادي وصورته وهيبة إدارته.
التوازن بين التداول والسرية
لا بد أن نؤكد مرارًا على التوازن المطلوب بين إعمال مبدأ التداول ومبدأ الالتزام بالسرية المؤسسية. فالتجارب الناجحة عالميًا أكدت أن الإدارة الرياضية المتقدمة هي التي تحقق هذا التوازن. الأعضاء يشاركون في صناعة القرار، بينما تظل المصلحة العليا للنادي محمية.
الكلمة الأخيرة
مستقبل الأندية لا يُبنى بالاجتهادات الفردية ولا بالقرارات المعزولة ولا بالإملاءات الخارجية، بل عبر حوكمة رشيدة تقوم على المشاركة (التداول) والانضباط (السرية المؤسسية).
الرسالة الأهم التي يجب أن تترسخ في أذهان إدارات الأندية وجماهيرها وأعضائها وحتى إعلامها:
ترسيخ مبدأ التداول مع الالتزام بالمؤسسية، لأنه الضمانة الحقيقية لـ:
- وحدة النادي وفاعلية قراراته.
- حماية أسراره.
- تعزيز مكانته محليًا وإقليميًا ودوليًا.
- تحسين صورته العامة.
- تعزيز الثقة بين الإدارة وبقية مكونات النادي الأخرى من جماهير، إعلام، لاعبين، أجهزة فنية، ووكلاء اللاعبين.
فلا سبيل للنجاح دون إعمال مبدأ التداول مع الالتزام بالمؤسسية.


