أكرم خيري يرتاح في الصّفوة: هذه حكايتي الغريبة مع سوداكال.. وقريش لن يتكرر!
الصّفوة – د. ياسر بابكر
حينما تجلس إليه تدرك أنك أمام شخصية صفوة خدمت المريخ بإخلاص وتفانٍ؛ ورغم أنه لا يحب الحديث كثيرًا ويدع أعماله تتحدث، إلا أنني بإلحاح وإصرار لينقل لعشاق الأحمر الوهاج عصارة تجاربه وخبراته ويفيد النادي في اتخاذ بعض القرارات، أخرجت قطب المريخ والإداري السابق أكرم خيري من صمته ليرتاح على موقع الصّفوة؛ فماذا قال؟! :
حكاية أنس نصرالدين
1/ كنا في الجزائر لأداء مباراة أفريقية مع اتحاد العاصمة الجزائري وكانت البعثة برئاسة العميد حينها بدرالدين عبدالرحيم عضو لجنة التسيير الحالي وهو الآن برتبة لواء. وكنت أنا نائب رئيس البعثة .. المهم كنت أرى شابًا صغيرًا محترمًا كل يوم في الفندق وهو السوداني الوحيد ولا يوجد غيره وكان دائم الجلوس في صالة الفندق … فذهبت إليه وسلمت وسألته: منو انت ومالك في الجزائر؟ فكانت الإجابة مفاجأة لي .. قال لي بأنه حضر وشقيقه الأصغر خصيصًا لحضور مباراة المريخ والوقوف معه … فنزلت دمعة من عيوني أخفيتها عنه .. وقال بأنهم يسكنون في فندق يبعد حوالي نصف ساعة من مكان إقامتنا .. فقلت له من الآن اعتبروا أنفسكم أعضاء في البعثة وعندما نذهب للوجبات تذهب معنا ولا تجلس في الصالة … وكان يحضر كل التمارين .. بعد ذلك سألت عنه كباتن الفريق أمير ورمضان فقالوا لي بأنه صديقهم ويذهب كل مباريات المريخ الخارجية … راقبت كل تصرفاته فوجدته شابًا قمة في الأخلاق والأدب وحب المريخ .. فقلت لأمير كمال بأنني أريد أن يكون هذا الشاب ضمن دائرة الكرة .. ففرح جدًا . وتحدثت مع أنس وقلت له ستكون في الدائرة وتتعلم المهام وتستفيد لتفيد المريخ مستقبلاً .. وقد كان … شاب نشط جدًا ويعطي وقته للمريخ بلا مقابل لأنني كنت أيضًا أعمل بلا مقابل وكان هذا شرطي الأساسي له .. وحقيقة هو لا يحتاج فهو من أسرة ثرية .. كانت له بعض العيوب ذكرتها له وذكرت له كيفية علاجها .. فمثلًا كان خطه غير واضح وغير جيد وهذا أمر عادي فقلت له عند كتابة الأسماء المشاركة لتقديمها للحكام استعمل الطباعة .. وأيضًا كان لديه أصحاب من اللاعبين فقلت له يجب أن تكون المسافة واحدة مع جميع اللاعبين .. بعد ذلك ونحن في الجزائر قامت القيامة وهاج قروب مجلس الإدارة وكان التشكيك في الشاب وسلوكياته .. لكن لثقة المرحوم محمد جعفر والكندو في شخصي قلت لهم بأنه قمة الاحترام والأخلاق والأدب وحب للمريخ بطريقة كبيرة .. فكانت الموافقة والقبول.
قومة وقعدة ساكت في المريخ!
2/ دائرة الكرة ناس المريخ عاملين ليها قومة وقعدة في الفاضي .. وظيفة يمكن لأي مريخابي القيام بها .. مهامها واحدة … حجز الملاعب للتمارين .. حجز الفنادق … صرف المرتبات والحوافز وفقًا للوائح النادي .. متابعة التمارين وحضور اللاعبين ومعرفة أسباب غياب بعض اللاعبين وحلها … متابعة الاتحاد العام لمعرفة موقف اللاعبين ولاعبي الأندية الأخرى من الإنذارات والإيقافات … وحضور الاجتماعات التقليدية … ولكن الأهم وسر نجاح دائرة الكرة يتوقف على توفير ميزانيتها … وذلك عن طريق رئيس القطاع الرياضي .. يعني ما في حاجة اسمها مدير كرة ناجح ولا فاشل .. في حاجة اسمها مجلس وفر ميزانية لتسيير الأمور ستنجح .. لم يوفر لن تستطيع أداء مهامك.. فأين النجاح والفشل … فمثلًا كنت مدير كرة سنتين وشهرين ونلنا بطولة الدوري والمربع الذهبي في البطولة العربية والمجموعات أفريقيا فهل أنا ناجح … أنا لست بمدرب ولا مجلس إدارة وفر كل الإمكانيات للنجاح … وهل إذا جاء كابتن أبوجريشة هذا الاسم الكبير جدًا جدًا لاعبًا وإداريًا وكان مدير كرة ولم يحقق الفريق الدوري هل يعني بأن عادل فاشل … مستحيل ثم مستحيل … شعب المريخ خلق من وظيفة مدير الكرة هيلمانة فارغة .. وأديك مثال عبدالمهيمن في الهلال لأن القطاع الرياضي في الهلال يوفر كل شيء الناس بشوفوه ناجح ولكن في الحقيقة الناجح القطاع الرياضي.
زيارة وبكاء غير حياة نجم
3/ عندما حضرت أول تمرين بعد تعييني مديرًا للكرة وجدت أن هنالك لاعب ناقص وسألت الكابتن الكبير خالد أحمد المصطفى فقال لي الغائب حارس مرمى رابع تمرد وقال عاوز قروش وانساه .. كان هو الرابع بعد أبوعشرين ومنجد وعصام عبدالرحيم .. سألت عن مكان سكنه فقالوا لي الأزهري فذهبت في اليوم التاني ومعي اللاعب الخلوق الجس وعرفني بمنزل هذا الحارس المتمرد .. فذهبت له في المنزل ووجدت جميع أفراد الأسرة وسلمت عليهم وشربنا الشاي وعرفته بنفسي وسألته أمام والديه هل سأل عليك أحد وأنت غائب؟ فقال لي لا .. فقلت له لو غبت مائة سنة ما في زول بشتغل بيك .. أنت الحارس رقم أربعة ولا يعرفك أحد فكيف تغيب وتتوقف عن التمارين .. سألته هل لديك وظيفة فقال لي لا .. فقلت له أخجل من نفسك فهذه الأسرة عشمها فيك كبير وينتظرون أن تشيل الحمل من أبوك … فبكى. قلت له .. بكرة التمرين في الاستاد ودايرك تكون أول زول. أنا ساقنع الجهاز الفني ومدرب الحراس كنة بقبول عذرك وعليك أن تقف أمام كل اللاعبين وتعتذر .. وقد كان .. أقسم بالله بعد شهر قال لي الزلفاني هذا الحارس لو كان معي منذ بداية الإعداد لكان الحارس الأول.
أبوجريشة ودموع المهندس
4/ عملت مع كابتن عادل أبوجريشة وهو من أعظم الشخصيات المريخية التي رأيتها وتعلمت منها الكثير .. وهو محبوب لكل اللاعبين رغم أنه صارم جدًا .. عادل يعرف نفسيات كل اللاعبين كأنه طبيب نفسي ويحل كل المشاكل ولا يقصر نهائيًا … وعملت مع الباشمهندس الكبير عادل أمين .. هل تصدق عندما نخسر مباراة كان عادل أمين يبكي .. فكنت أقول للاعبين أخجلوا شوفوا عادل أمين ببكي مفروض انتو تموتوا .. وعملت مع الجنرال المهندم المحترم مدني الحارث .. وقد كان مديرًا للأمن الخارجي فكيف لا يكون مدير كرة ناجح بالمريخ .. وعملت وحدي وبعدها كان معي أنس نصرالدين .. كلها فترات جيدة لأن رؤساء القطاع كانوا ناجحين ويوفرون كل متطلبات الكرة .. الوالي وحسن عبدالسلام وأبوجريشة وأخيرًا سوداكال ومحمد جعفر .. له الرحمة.
قدامى اللاعبين والتمرين
5/ قدامى اللاعبين كان لهم تمرين ثابت يوم الجمعة في ملعب النادي للخماسيات .. بقيادة عادل أمين وحسبي وجندي وهيثم وعدد كبير .. وكانوا يؤدون التمرين وينصرفون بعده مباشرة فذهبت لهم ودعوتهم لشرب المرطبات والشاي وفعلا حضروا جميعهم وكان لدينا تدريب وقلت لهم هذا النادي ملك لكم وأنتم أسياده وهذا المكتب من الآن يتبع لكم. تعالوا بعد كل تمرين الحمامات موجودة وسنوفر لكم العصاير والشاي بعد كل تمرين.
حقائق للتاريخ
6/ فترتي في رئاسة دائرة الكرة سأقول لك حقائق للتاريخ … أولًا أنا حتى هذه اللحظة لم أتشرف والله بمقابلة السيد آدم سوداكال ولا حتى الحديث معه .. كنت أتعامل مع الأخ الصادق مأدبو … هذه الفترة شهدت حاجات جميلة جدًا لم أشهدها في أي فترة عملت بها .. فمثلًا أقسم بالله كان اللاعبين ينالون حافز المباراة بعد المباراة مباشرة كان الأخ الصادق يعطيني الحافز مباشرة بعد المباراة وأيضًا المرتبات .. كانت منصرفات التمارين والمباريات والمعسكرات عالية جدًا وكنا في حالة معسكر دائم وكان المرحوم محمد جعفر والكندو وبقية الأعضاء يموتون أنفسهم لتوفير الأموال.. وأشهد الله بأن ما عمله المرحوم محمد جعفر لم ولن يفعله شخص بعده .. فكان يبيع ممتلكاته لتوفير المتطلبات .. وللتاريخ كان كابتن إبراهومة من أكبر الداعمين لي في تلك الفترة حتى وهو مدربًا للخرطوم الوطني .. وأيضًا له صديق محترم يدعى فهد مريخابي أصيل كان يوفر لنا المياه باستمرار.






