عجوبة لجنة التطبيع وعجوبة سوبا!

أبوبكر الطيب
تتكرر ذات العجائب والغرائب وكأننا ندور في حلقة مفرغة لا تعرف الاستقرار. فاليوم، نعيش نسخة جديدة من سيناريو قديم عرفناه في لجان الوساطة بالأمس، حيث تحوّل اتحاد الخرطوم – عبر لجنة تطبيعه – إلى ساحة صراعات جديدة لا تقل خطورة عن الأزمات السابقة التي كوِّنت هذه اللجنة لمعالجتها.
الحقيقة التي لا يمكن إنكارها، أن الطموحات الشخصية لبعض الأعضاء تجاوزت حدود مهمة “التطبيع”، وامتدت إلى ما هو أبعد من ذلك، إلى مقاعد النفوذ داخل الاتحاد العام. هذا الطموح الجامح كان الشرارة الأولى التي أشعلت نار المؤامرات والمناورات، فبدلاً من أن تكون لجنة التطبيع جسراً نحو الاستقرار، أصبحت حلبة لتصفية الحسابات وإقصاء الأصوات المغايرة والمؤثرة.
لقد شهدنا كيف تمكّنت “عجوبة” من إزاحة بعض الشخصيات ذات الثقل والتأثير، ليس بالكفاءة في الإدارة، بل عبر دعمٍ مباشر من أحد العرّابين. وهكذا تقلّصت الصلاحيات وتراجعت التوازنات داخل اللجنة، فاختل التناغم وفُتح الباب واسعاً أمام الانقسامات.
لكن التاريخ علّمنا أن المؤامرات لا تصنع استقراراً، وإنما سرعان ما تنقلب على صانعيها. فما نشهده اليوم هو الوجه الآخر لما صُنع بالأمس: إقصاء يقابله إقصاء، وتهميش يجر وراءه تهميشاً. في النهاية، يدفع الاتحاد والجماهير ثمن هذه الصراعات الداخلية التي تُلبس ثوب الإصلاح زوراً، بينما هي في حقيقتها مجرد مطامع شخصية لا ترى أبعد من حدود الكرسي.
إن لجنة التطبيع لم تُخلق لتكون ساحة حرب مصغّرة، ولكن لتعيد ترتيب البيت من الداخل، وتبني جسور الثقة مع الجماهير. غير أن ما يجري الآن يهدد مستقبل الاتحاد، ويزرع بذور فقدان الثقة في أي مبادرات إصلاحية مقبلة.
قبل الختام
المؤامرات التي تُحاك في الظلام قد تُحقق أهدافها لحظةً، لكنها لا تملك البقاء. فكل مخطط يفتقد النزاهة يتحول عاجلاً أو آجلاً إلى عبء على صانعيه، وها نحن نرى كيف تعيد “عجوبة” اليوم إنتاج أزمات الأمس، في دورة متكررة لا تحصد سوى الفشل.
وأهلك العرب قالوا:
من حفر حفرةً لأخيه وقع فيها.
وحليل الكان بهدي الغير صبح محتار يكوس هداي.
والله المستعان



