أزمة بلا نهاية.. الاتحاد العام ولجنة التطبيع في دائرة الفشل
أبو بكر الطيب
إن الأزمة القانونية والإدارية التي يشهدها الاتحاد العام لكرة القدم واتحاد الخرطوم المحلي، ما هي إلا مرآة لفشل إداري متجذر داخل المؤسستين.
اتحاد جديد بوجوه قديمة
جاء الاتحاد العام في دورته الجديدة التي لم تبدأ بعد، دون أن يحمل أي جديد في منهجه أو أسلوبه. فرغم خروج بعض اللاعبين المخضرمين ودخول آخرين، إلا أنهم ينتمون إلى ذات المدرسة وذات الفصيلة التي عُرفت بالطاعة العمياء وغياب الرؤية. حتى اللحظة، لم نسمع سوى صوت وحيد شجاع جاء من جبل أولياء، قال: “لا” في وجه الطغيان، بينما اختار البقية الصمت أو التماهي مع الفوضى.
تجاوزات تكشف عقلية مأزومة
إن أكبر دليل على عمق الأزمة هو التجاوزات التي تمارسها لجنة التطبيع، وبمباركة واضحة من اللجنة القانونية بالاتحاد العام في اجتماعهم الأخير، فقد اجتمع التعيس بخائب الرجاء. هذه الممارسات غير المسبوقة تمثل خرقًا صريحًا للنظم الأساسية، وتكشف عن عقلية إدارية اعتادت القفز فوق النصوص بلا وازع ولا رادع.
اللجنة التي كان يفترض بها أن تقدم الحل وتفك الخلافات وتعيد اتحاد الخرطوم إلى سابق عهده، لم تقدم ما يشفع لها بأنها تعمل بحياد والتزام بالقانون. لأنها كشفت قراراتها اليومية عن نواياها وأهدافها الخفية. ومع ذلك، ما زال البعض يغمض عينه ويحسن الظن، وكأن للثعلب دينًا.
أزمات متوارثة
ما نراه من إخفاقات للاتحاد العام هو استمرارًا لنهجٍ سار عليه في كل دوراته السابقة. أزمة الهلال عام 2016، وأزمة المريخ 2021 والتي ما زالت مستمرة حتى الآن، خير شاهد. كل تلك الأزمات لم تُنتج إلا تضخيمًا للنزاعات وافتعالًا لها بدل حلها، بفعل تدخلات غير محسوبة وأخطاء إجرائية فادحة. ما يؤكد أن الخلل ليس في تبديل الأشخاص، وإنما في غياب الحوكمة وتفشي ثقافة الإدارة المرتجلة بعيدًا عن القانون.
الإعلام.. الحارس الغائب
من أهم أسباب تفاقم الأزمة في اتحاد الخرطوم هو الإعلام الرياضي، الذي كان يفترض أن يكون الحارس الأمين للقيم الرياضية. لكنه تخلى عن دوره، مستسلمًا للضغوط، ومتحولًا إلى شريك في التضليل تارةً، ومتجاهلًا للأحداث تارةً أخرى. مارس الإعلام “الجبن الممنهج”، تاركًا القضية دون حماية ولا متابعة. والنتيجة: فقد اتحاد الخرطوم إرثه وتاريخه ومكانته، بينما تدفع الأندية الثمن غاليًا، لأن قادتها ساروا خلف القطيع دون بصيرة.
لجنة بلا نهاية
من المثير للدهشة أن لجنة تطبيع مؤقتة لا تتجاوز مدة تكليفها ستة أشهر، تسعى لتكوين لجان فرعية، بما فيها لجنة للمسابقات! هذا السلوك يؤكد أنها ليست لجنة لتطبيع الأوضاع، ولكنها كيان بديل يسعى لترسيخ نفسه وتمكينها، وما خفي أعظم.
إن الخلافات التي ضربت أركان اللجنة لم تكن مفاجئة، وإنما كانت متوقعة، لأنها ببساطة تحمل أجندة خفية لا علاقة لها بالتطبيع. فما معنى أن تُجرد المناصب من صلاحياتها وتُمنح لشخصيات أخرى؟ أليس هذا دليلًا قاطعًا على أن اللجنة تسير وفق أهداف مبيتة؟ وأجندة خاصة لا علاقة لها بالتطبيع.
وخبر اليوم بفلوس بكرة ببلاش
وقبل الختام
إن ما يجري اليوم في اتحاد الخرطوم والاتحاد العام لكرة القدم، لا يمكن وصفه إلا بأنه عرض جديد من سلسلة الفوضى المستمرة. عرض تكشف مشاهده يومًا بعد يوم عن عبث إداري وقانوني، يزداد خطورة كلما صمتت الأندية، وتجاهل الإعلام، وغضت الجماهير الطرف.
ويبقى السؤال:
إلى متى يظل المشهد الرياضي رهينة لهذه التجاوزات؟ وهل من إصلاح يعيد الرياضة إلى مسارها الصحيح، أم أن الحكاية ستستمر بلا نهاية؟
وأهلك العرب قالوا:
الماهر الأمين يغير أفكاره لتتناسب مع الحقيقة، والمخادع الكذاب يغير الحقيقة لتتلاءم مع أفكاره.
وباكر فيها المناكر
والله المستعان
