النصر بكم والفخر لنا

صوفي أبو سمرة
مساءً وفي جولة جديدة للتصفيات الأفريقية المؤهلة لمونديال 2026 نعود لمقاعد الترقب بشغف جديد، وتطلعاتنا تقف على أطراف أصابعها تتوق لاحتمالية تحقيق حلم قديم يراودنا عمرًا، وقد استنهضناه رغم الظروف الاستثنائية جدًا التي نعيشها. فمنتخبنا الوطني ورغم خروجه من دائرة الضوء في المربع الذهبي لبطولة الأمم الإفريقية للاعبين المحليين واكتفائه بإحدى زواياه، فحسبهم ما فعلوا بذلًا، وحسبنا ما وصلوا إليه شكرًا وثناءً، ففي وقت نسينا فيه رفاهية الاحتفال بمحفل آخر غير انتصارات جيشنا في معارك الكرامة، حيث كل ما يعيشه النبض السوداني هو نصرة الوطن في معاركه الوجودية التي فرضت علينا ويجب أن ننتصر فيها ونسود.
لكن كان لصقور الجديان رؤية تختلف، حيث كان لديهم للكرامة ميدان آخر هو المستطيل الأخضر، فقدموا فيه بذلًا طيبًا وصولًا حتى المربع الذهبي على حساب منتخبات لها وزنها وقيمتها في المنافسات القارية. واليوم يعود منتخبنا بذات روح التحدي لميدان التنافس من جديد وهو على صدارة مجموعته لينازل منتخب السنغال في التصفيات. اللقاء يختلف عن سابقه، حيث المنتخبات تخوض المنافسة بكل ثقل محترفيها، والسنغال تحشد نجومها من الدوريات الأوروبية ولها ثأر قريب ويحدوها أمل في العودة لأضواء المونديال عبر الفوز اليوم واستعادة الصدارة، بينما صقور الجديان بنفس روح التحدي في “الشان” وبذات العزيمة ورغبة الانتصار من أجل خاطر الوطن الكسير.
ورغم ما يحيط بمنتخبنا من ظروف معلومة للجميع، إلا أنه لا يقل عن المنافس، فلدينا لاعبين ذوي خبرة وقدرات فنية عالية قادرة على صناعة الفارق وتحقيق ما تصبو إليه تطلعات شعب السودان، تحت قيادة جهاز فني قدير يعرف كيف يروض إمكانيات اللاعبين ويقود اللقاء بحنكة ودراية كبيرة. فوق هذا وذاك كله، أن الأمة السودانية في هذا التوقيت تحديدًا تحتاج إلى شيء من الفرح ليخفف ما تعانيه من أحزان وويلات حرب ممتدة نالت الكثير من مكتسبات شعبنا الأبي ومقدرات وطننا العزيز.
في ظل هذه الأوضاع الشائكة التي تمر بها بلادنا، أن يشارك منتخبنا في المنافسات القارية الكبرى وأن يتواجد حتى المراحل المتقدمة بل ويكون له وجود باذخ، ليعلن للعالم أن السودان وطن باقٍ مهما تكالبت عليه المحن وتناوشته الفتن، وأنه قادر على أن يلعب وينتصر، يحارب وينتصر، وترفرف راياته خفاقة في كل محفل دولي نتواجد فيه. من هنا، ولهذا، كلنا خلف الصقور وقلوبنا تلهج بالدعاء لتحلق عاليًا عشية اليوم في سماء داكار منذرة المنافسين بأننا قادمون والفوز حليفنا.
فللكرامة ميدان آخر وسلاح يختلف، وكأني بهم وقد تحول الشعار عندهم لعلم يرفرف بالقرب من القلوب والهتاف: “نحن نلعب للسودان”، الذي يجب أن ينتصر ويسود. اختلفت الميادين ولكن نصرة الوطن غدت سلاحًا نستله في كل حين وعند كل نزال، لا فرق بين ملعب لكرة القدم أو رقعة عزيزة من أرض الوطن، فكلها أرض معارك ويجب أن ننتصر فيها.
من هنا وحتى انطلاق صافرة الحكم معلنًا بداية اللقاء، يبقى الأمل فينا عينًا ترى أن بإمكاننا الفوز والوصول، وعزيمة تؤمن أن لا مستحيل مع روح التحدي والإصرار والرغبة في صناعة التاريخ بقوة. فلقاء اليوم محطة انطلاق لمشوار بدأ للتو بروح وثّابة لواقع أجمل، وبداية لرحلة مستمرة للأفضل دائمًا بإذن الله.
كل الأمنيات العراض بالتوفيق والنصر المؤزر لمنتخبنا، وكل التقدير على كل حال، ومحبة وسلام.


