وسط الرياح

النبت الشيطاني في الرياضة

عدد الزيارات: 21٬002

474أبو بكر الطيب

لا تكاد تجد كارثة أعظم من لجنة التطبيع. لجنة بلا سند، بلا شرعية، وبلا خطة. لجنة خرجت من رحم الفراغ كـ “نبت شيطاني”، لا جذر لها ولا أساس، ومع ذلك تصرّ على أن تُمارس سلطات مطلقة وكأنها “المنقذ المنتظر”. والحق أن وجودها في ذاته هو أوّل خرق فاضح للقانون.

ميلاد باطل
حين ننظر إلى أصل الحكاية، نجد أن لجنة التطبيع لم تُبنَ على أي مسوغ قانوني. لم تصدر بقرار مؤسسي راسخ، ولم تُستند إلى لائحة أو مادة قانونية، وإنما جاءت بإيعاز مباشر من متوكل الزنجي، رئيس اللجنة القانونية بالاتحاد العام، وكأنها وُلدت في الظلام بترتيبات شخصية ومصالح ضيقة.

فكيف يُطلب من لجنة تكوينها نفسه غير شرعي أن تنتج عملًا شرعيًا؟ وكيف نُعلّق عليها الآمال وهي ـ منذ ولادتها ـ تعيش في دائرة البطلان؟

إنها لجنة وُلدت “لقيطة” في دفتر القانون، لا سند لها إلا أهواء من جاءوا بها. وما بُني على باطل فهو باطل.

تجاوزات بالجملة
بدلًا من أن تلتزم بخارطة الطريق البسيطة: الإشراف المؤقت وتهيئة الأجواء لانتخابات نزيهة، انغمست اللجنة في لعب أدوار لم تُكلَّف بها أصلًا. من أخطرها قرار تصعيد أندية على حساب أخرى، في خطوة تُعبّر عن المجاملات الصريحة وتوزيع الرضا والسخط وفق المزاج.
فأي نزاهة بقيت؟ وأي حياد يُرجى من لجنة أطلقت يدها في قرارات بهذا الحجم دون تفويض أو شرعية؟

صناعة الوهم باللجان
ولم تكتفِ بذلك، بل ذهبت إلى ما هو أدهى: تكوين لجان مساعدة “عدل، استئناف، تحكيم”. والجميع يعلم أن النشاط الرياضي متوقف، وأن هذه اللجان لا تملك أي أرضية للعمل. فبأي منطق تتشكل إذن؟

المنطق الوحيد هو المزيد من التورط والمزيد من التضليل. إشراك أكبر عدد من الرياضيين في مشهد فارغ، كأنما تقول اللجنة: “دعونا نغرق السفينة جميعًا بدلًا من أن نسقط وحدنا.”

لكن الحقيقة واضحة: تلك اللجان ليست سوى أوراق توت تحاول ستر عورة لجنة وُلدت عارية.

عشوائية بلا بوصلة
لو كان للجنة حد أدنى من الرؤية أو الخطة، لقلنا لعلها تُخطئ في التنفيذ. لكن ما نراه هو فوضى كاملة: قرارات متناقضة، خطوات مرتجلة، وانشغال بالتفاصيل التافهة على حساب جوهر المهمة. هي لا تعمل بمنهج ولا بمؤسسية، بل تتخبط كمن يسير في الظلام، يمد يده هنا وهناك دون أن يعرف إلى أين يمضي.

نزاهة غائبة وفرصة مهدرة
كان يمكن للجنة ـ لو التزمت بما وُكِّل إليها ـ أن تكتب لنفسها سطرًا مشرفًا في دفتر التاريخ الرياضي، وأن تكسب ثقة القاعدة الرياضية، وأن تخرج بسلام. لكنها اختارت أن تُضيّع كل ذلك، وأن تكشف بوضوح أنها أداة لتنفيذ أجندات خاصة لا علاقة لها بالمصلحة العامة. وما هذا اتهامًا، ولكنه واقع يراه كل من تابع ممارساتها العبثية.

وقبل الختام :
نحن أمام لجنة لا تملك شرعية في وجودها ولا في قراراتها. لجنة خرجت عن مهامها، غرقت في تشكيلات بلا معنى، وأدارت المرحلة بعشوائية مدمرة. لجنة لو عُرضت أمام أي محكمة قانونية أو رياضية، لانتهى أمرها في الجلسة الأولى.
إنها باختصار: نبت شيطاني أُقحم على جسد الرياضة، وسيظل ينهش فيه حتى يتم استئصاله.

وأهلك العرب قالوا:
“من شغلته نفسه أضاع أمره.”
وقالوا أيضًا: “والبباري الجداد بمشي الكوشة”

والله المستعان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
XFacebookYoutubeInstagram
error: محمي ..