وسط الرياح

الاتحاد في مواجهة العاصفة

عدد الزيارات: 21٬004

474

أبو بكر الطيب

لم يكن الشارع الرياضي السوداني في حاجة إلى دليل جديد على حجم الأزمة البنيوية التي يعيشها الاتحاد العام لكرة القدم، فجاء اجتماع مجلس الإدارة ببورتسودان يوم الخميس الماضي ليؤكد أن الاتحاد يسير في طريق ملغوم بالارتجال والتناقضات، بعيدًا عن القانون والشفافية، قريبًا من تصفية الحسابات وتوزيع الغنائم.

أولاً: اتحاد الجنينة… من الاعتراف إلى الإنكار
قرار المجلس بعدم الاعتراف باتحاد الجنينة وتحويل قياداته إلى لجنة الأخلاقيات، بدا وكأنه تصفية حسابات أكثر منه إجراء قانوني.
فالمفارقة أن الاتحاد نفسه – عبر لجنته القانونية السابقة برئاسة الأستاذ معتز الشاعر – كان قد سلّم اتحاد الجنينة خطابًا رسميًا يعترف بشرعيته. واليوم، وبجرة قلم، ألغت لجنة قانونية بلا أعضاء سوى رئيسها (المحامي متوكل الزنجي) هذا الاعتراف، دون أن تكشف للرأي العام عن حيثيات أو أدلة.
إنها ازدواجية معايير فجّة: قرار يُعتد به حين يخدم مصالح القيادة، ويُلغى حين يضر بها. الأسوأ أن من كان بالأمس صاحب الاعتراف (معتز الشاعر) عُيّن اليوم مستشارًا قانونيًا لرئيس الاتحاد، في مشهد يكشف حجم العبث والكيل بمكيالين.

ثانياً: مريخ نيالا… الضحية الجديدة
ملف المسابقات كشف بدوره عن أزمة حقيقية. فالاتحاد كان قد أعلن هبوط ناديين فقط إلى الدرجة الأولى: الأهلي شندي وحي العرب. لكن فجأة، ضُمّ مريخ نيالا إلى قائمة الهابطين، رغم أن موقعه في مجموعة الغرب يجعله خارج حسابات النزول.
بهذا القرار غير المبرر، وجد حي العرب نفسه أيضًا في مأزق جديد: هل يقبل بالهبوط الجائر؟
الحقيقة أن الاتحاد وقع في ورطة بعدما اعتمد 25 ناديًا في الممتاز بدلًا من 24، فقرر أن يضحي بمريخ نيالا كـ “كبش فداء” ليغطي على خطئه. عبث قانوني يدمر عدالة المنافسة ويزرع بذور الفتنة بين الأندية.

ثالثاً: أجندة غائبة وقرارات مرتجلة
الأجندة المعلنة للاجتماع تضمنت ملفات جوهرية: تكوين اللجان، الحوافز المالية، مستقبل العلاقة مع الفيفا… لكن هذه البنود ذهبت أدراج الرياح.
بدلًا منها، خرج المجلس بقرارات مفاجئة: إشادة بلجنة المسابقات، تعديلات على لائحة أعمال المجلس، وتوصيات بلا وزن عملي. صورة ارتجالية لا تعكس مؤسسية بقدر ما تعكس عقلية إدارة مغلقة على نفسها.

رابعاً: لجنة المنتخبات… أسماء محترمة في بيئة مشبوهة
تشكيل لجنة المنتخبات الوطنية برئاسة أسامة عطا المنان أثار بدوره جدلاً واسعًا. فبينما تضم اللجنة أسماءً محترمة مثل جمال الوالي ومعتز البرير – وهما شخصيتان تحظيان بتقدير كبير – فإن وضعهما في لجنة يرأسها شخص مثير للجدل يثير التساؤلات حول دوافع الاختيار والتوازنات الخفية التي تحكم تركيبة اللجان.
الأرضية التي بُنيت عليها هذه التشكيلات لم تكن قانونية ولا موضوعية، بل أقرب إلى محاصصة وتوزيع للمواقع على الموالين، حتى أن بعض الاتحادات المحلية سارعت للاحتفال وتقديم التهاني وكأنها نالت “نصيبها” من الكعكة.

خامساً: غضب الشارع الرياضي
البيان الختامي قوبل برفض واسع من الأندية والمهتمين بالشأن الرياضي. أكبر موجة غضب ارتبطت بتحويل السيد حسن برقو إلى لجنة الأخلاقيات دون توضيح التهم. الجمهور تساءل:
كيف يُحال برقو إلى الأخلاقيات بينما شخصيات مثل معتصم جعفر وأسامة عطا المنان – اللذان طالتهم اتهامات سابقة متعلقة بأموال الاتحاد وشيكات – لم يقترب منهم أحد؟
هذا التناقض فجّر سخطًا كبيرًا، وجعل قرارات الاتحاد أقرب إلى الانتقام الشخصي منها إلى العدالة الرياضية.

وقبل الختام
ما خرج به اجتماع بورتسودان ليس سوى دليل إضافي على أن الاتحاد العام يعيش أزمة إدارة عميقة، قرارات متناقضة، لجان على المقاس، وأندية تُضحى بها لإنقاذ القيادة من ورطاتها.
إن الوسط الرياضي اليوم أمام اتحاد يرفض أن يتعلم من أخطائه، ويصر على إعادة إنتاج الفوضى.
ولذلك نقول: الإصلاح الحقيقي لن يبدأ إلا بوقف هذا العبث وإعادة الاعتبار للقانون والشفافية.

وأهلك العرب قالوا:
الشيئان اللذان لهما غباء، الاتحاد السوداني و غباء الاتحادات المحلية، مع أني متأكد من ذلك.

والله المستعان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
XFacebookYoutubeInstagram
error: محمي ..