وسط الرياح

الطوفان قادم من الشرق.. ولجنة التطبيع تفقد البوصلة

عدد الزيارات: 21٬012

474أبو بكر الطيب

يبدو أن قضية نادي حي العرب بورتسودان أكبر من نزاع إداري أو خلاف في تفسير لائحة. إنها اليوم اختبار أخلاقي وقانوني لاتحاد كان يفترض أن يحمي اللعبة ويصون عدالتها، فإذا به يتحول إلى طرف خصيم يماطل، ويتهرّب، ويغلق الأبواب أمام الحقوق المشروعة.

منذ مذكرتي نادي حي العرب في 13 فبراير ومايو 2025 مرورًا بتجاهل الاتحاد حتى اجتماعه الأخير في 18 سبتمبر، تكشف الصورة عن مشكلتين متداخلتين:

  1. ثغرة نصية وقانونية في المادة 9/ز تُستغل كسلاح لحرمان الأندية من حقوقها.

  2. خلل مؤسسي: اتحاد عام يماطل، واتحاد محلي متواطئ، وممارسات تفتح الباب أمام شبهات المحاباة والتلاعب.

حي العرب… من نزاع إداري إلى حركة مجتمع رياضي كامل
بيان مجلس إدارة النادي جاء صريحًا: لم نطلب استثناءً، ونطالب بتطبيق اللائحة كما هي. وأكدت الإدارة أنها فوضت مكتب محاماة دولي لمتابعة القضية، وأنها ستسلك كل الطرق القانونية حتى تُسترد الحقوق، خير ما فعلت.

وفي موازاة ذلك، أعلن تجمع قدامى لاعبي حي العرب رفضهم القاطع لأي مساومة أو استجداء: “نادينا صاحب حق أصيل”. هذا الصوت القادم من حراس التاريخ وأصحاب العرق والدم على المستطيل الأخضر، وجد صداه عند الجماهير والقاعدة الشعبية. فكانت جلسة التنوير العرباوية حاشدة، وانتهت بقرار مقاطعة الاتحاد العام والمحلي، والدعوة لجمعية عمومية طارئة لإضفاء الصفة القانونية على خطوات النادي المقبلة.

وهكذا ارتقى النزاع من مستوى إداري ضيق إلى حركة جماهيرية واسعة، تقف فيها ولاية بورتسودان بكل مكوناتها خلف كيانها العريق.

لجنة التطبيع… في اتحاد الخرطوم فاقدة للبوصلة
في المقابل، تظهر أزمة جديدة في اتحاد الخرطوم ومشهدًا آخر للفوضى: لجنة التطبيع التي كان يُنتظر منها أن تُعيد الانضباط، تحولت إلى عنوان للفشل. رئيسها فقد السيطرة على المنظومة، وهنالك من يتصرف باسمه ويتخذ قرارات بالوكالة، وكأن الاتحاد صار ملكية خاصة تُدار لمصالح ضيقة.

حين تسلك لجنة التطبيع طريقًا غير معبّد، فإن النتيجة نفور عام، وفقدان ثقة الأندية والجماهير، حتى باتت الاستقالة “أرحم” من استمرار هذا العبث. فالمناصب لا قيمة لها إذا كانت تُستخدم أداةً للتخريب بدل البناء.

نداء للتضامن وتوحيد الصفوف
ما جرى لحي العرب ليس معزولًا. قضايا ود نباوي، توتي، الزومة، مريخ نيالا كلها مؤشرات على أن الخطر عام، وأن أي نادٍ قد يجد نفسه غدًا في نفس المأزق. لذا فإن اللحظة تستدعي:

  1. توحيد الجهود: لجنة تنسيقية تجمع الأندية المتضررة لمقاطعة الاتحاد العام مؤقتًا حتى ينصاع للقانون.

  2. تحرك قانوني جماعي: رفع دعاوى مشتركة، وتفويض مكتب واحد للدفاع عن الكتلة المتضامنة.

  3. إعلام موحّد: فضح التجاوزات، ونشر النصوص واللوائح، وكشف محاضر الاجتماعات للرأي العام.

  4. إعادة بناء الرابطة: تأسيس رابطة أندية محترفة حقيقية، تكون صوت الأندية لا صوت الاتحاد.

وقبل الختام:
إننا أمام مفترق طرق: إما أن تعود القوانين إلى مكانها الطبيعي كسياج للعدالة، أو يستمر العبث في أروقة الاتحاد العام ولجانه المؤقتة.

حي العرب، بإدارته، وقدامى لاعبيه، وجماهيره، وولاية بورتسودان كلها، رفع الصوت عاليًا.

وقضية لجنة التطبيع في الخرطوم أكدت أن الخلل موجود في الجسد كله.

إن لم تتوحد الأندية الآن، فلن يسلم أي نادٍ غدًا مهما علا شأنه.

وأهلك العرب قالوا:
تسليم القطط السمان مفاتيح الاتحاد أثبت على مدى التاريخ فشله في ضمان حقوق الفئران في فتات الطعام.
وما أشد براءتنا حين ظننا أن القانون وعاء للعدل والحق، فوجدناه وعاء لرغبة الاتحاد، وبدلة فُصّلت على مقاسه.

والله المستعان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
XFacebookYoutubeInstagram
error: محمي ..