وسط الرياح

غضب الولايات وانهيار الشرعية

عدد الزيارات: 21٬004

474أبو بكر الطيب

الخرطوم…
قلب الكرة المجروح
الخرطوم، قلب اللعبة ومركز ثقلها، دفعت الثمن الأغلى. أنديتها تعاني من انهيار تام في البنية التحتية وفقدان للمتلكات وضياع للحقوق، بينما ساهم بعض أبناء الولاية أنفسهم في إضعاف اتحادها المحلي، تاركين الباب مفتوحًا لتسلّق آخرين على أنقاضها وأكتافها المنهكة المتهالكة لينالوا عضوية لجان بالاتحاد العام دائمة، وهم لجنة تطبيع عمرها محدود، فيا للعار. والنتيجة: اتحاد مشلول وأندية مغلوبة على أمرها.

بورتسودان… :-
دروس من مارد الشرق
لكن الشرق رسم صورة أخرى. عندما حاول الاتحاد التلاعب بمصير نادي حي العرب، لم يقف النادي وحده، وإنما وقفت الولاية قاطبة خلفه.
الرسالة كانت واضحة:
حي العرب نادٍ ورمز للولاية. هذه الوقفة الجماعية أظهرت أن الإرادة المحلية قادرة على كسر أي تغوّل مركزي.

نيالا… :-
الجنوب الغربي يدخل الساحة ويشيل مفتاحه
اليوم، الجنوب الغربي بدوره يقول كلمته عبر مريخ نيالا، المدعوم من ولايته بأكملها. المشهد هناك يثبت أنّ موجة التمرّد تتّسع، وأنّ صوت الولايات آخذ في التحول إلى قوة جديدة تعيد تعريف العلاقة بين المركز والهامش.

الجنينة… :-
وما أدراك ما الجنينة
بقيادة سلطانها وسلاطينها ستُسلِّط سيوف غضبها على من انتزع حقوقها.

كوستي… :-
القانون في خدمة الولاء
أما كوستي فتقدّم مشهدًا أكثر خطورة: رئيس اللجنة القانونية في الاتحاد العام يضع موقعه في خدمة مصالح ولايته دون حاجة لاجتماع لجنة أو نقاش مؤسسي. هذا المشهد يلخّص حجم الانهيار: اللجان تحوّلت من أداة عدالة إلى وسيلة تمكين. عاش التمكين.

قراءة تحليلية لمستقبل الاتحاد
من واقع المستندات والمخاطبات المتراكمة، ومن متابعة ردود الأندية والولايات، يمكن تلخيص التحديات التي تواجه الاتحاد في أربع نقاط محورية:

  1. فقدان الشفافية: غياب نشر اللوائح للمنافسات، ما يجعل الأندية في عتمة قانونية.
  2. إضعاف المركز: يعمل الاتحاد العام جاهدًا لإضعاف الخرطوم، وبذلك فقدت ثقلها القيادي، مما جعل الاتحاد متمكنًا من الأطراف.
  3. صمود الولايات: بورتسودان، نيالا، والجنينة تؤكد أن الوعي الجماعي قادر على كبح التجاوزات.
  4. خطر التدخل الدولي: استمرار العبث قد يفتح الباب لتدخل FIFA وCAF، خاصة وأن قضايا رُفعت بالفعل إلى الفيفا. ومن المؤكد صدور أحكام قضائية ضد الاتحاد العام.

سيناريوهات محتملة

  • إصلاح عاجل: أن يقدّم الاتحاد استجابة لمطالب الأندية والولايات ليخفّف الأزمة مؤقتًا.
  • تصعيد داخلي: استمرار التعنّت سيدفع بمزيد من الطعون، المقاطعات، والتكتلات الجهوية.
  • تدخل خارجي: إذا فشلت كل المسارات، فلن يبقى سوى تدخل الفيفا والكاف لإعادة ضبط البوصلة.

وقبل الختام :-

حين يندفع السيل
المشهد واضح: الاتحاد يقف على رمال متحركة، والولايات لم تعد صامتة. الخرطوم النازفة، بورتسودان المقاومة، نيالا المتمردة، الجنينة العنيدة، وكوستي المستفيدة من ثغرات القانون… كلها حلقات في سلسلة واحدة تُبشِّر باندفاع السيل.
وسيل الغضب هذا لن يتوقف إلا حين يجرف كل ما بُني على الغش والتسويف، ليعيد للرياضة السودانية معناها الحقيقي: عدالة، منافسة، وشرعية.

وأهلك العرب قالوا:

إنّ المأساة الحقيقية ليست القمع والقسوة التي يمارسها الأشرار، وإنما الصمت الذي يُبديه الأخيار إزاء ذلك.

وقالوا أيضًا :-
عندما يصبح الاستبداد قانونًا، يُصبح التمرّد واجبًا.

والله المستعان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
XFacebookYoutubeInstagram
error: محمي ..