وسط الرياح

الاتحاد يبحث عن مخرج

عدد الزيارات: 21٬007

474أبو بكر الطيب

المشهد الرياضي السوداني لا ينقصه التعقيد، فهو يزداد تعقيدًا كل يوم مع تسارع الأحداث.
اليوم الخميس ينعقد المؤتمر الصحفي لنادي حي العرب بورتسودان وسط ترقّب جماهيري وإعلامي كبير، خاصة من جمهور الولاية، حيث يسعى النادي لتوضيح مواقفه للرأي العام، في وقتٍ تعيش فيه كرة القدم السودانية أزمة عميقة بين اتحاد عام فقد بوصلة الإدارة، وأندية تبحث عن طريق يعيد إليها حقوقها وكرامتها.

أزمة الاتحاد.. انعدام العدالة وقرارات متخبطة
منذ انتخابه، يواجه الاتحاد العام السوداني لكرة القدم سيلاً من الانتقادات، كان آخرها أزمة “عدد الأندية”. فالدوري الممتاز يفترض أن يضم 24 نادياً، لكن الاتحاد وجد نفسه أمام 25 نادياً، فاختار التضحية بنادي مريخ نيالا، في خطوة وُصفت بأنها تعسفية وغير مبررة، عكست حجم الارتباك والعشوائية في إدارة النشاط الكروي.

الاتحاد حاول تبرير موقفه بقرارات فنية وإجراءات تنظيمية، مثل تعديل سقف قوائم اللاعبين وتنظيم مسابقات استثنائية، لكنه في كل مرة كان يزيد الطين بلة ويؤكد أنه عاجز عن وضع رؤية واضحة تحفظ العدالة وتضمن استقرار المنافسة.

حي العرب.. خارج المصيدة
منذ أيام، راجت أحاديث عن أن نادي حي العرب قد يكون في مواجهة مباشرة مع الاتحاد، أو أنه وقع في ما سُمّي بـ “مصيدة الاتحاد”. لكن الواقع يؤكد أن النادي ليس في هذا الموقف إطلاقًا، وإنما يرى نفسه جزءًا من قضية أكبر تتجاوز حدود نادٍ واحد، إلى قضية العدالة المفقودة داخل منظومة كرة القدم السودانية.

الحراك الجديد.. صوت الأندية يتوحّد
الأهم من كل ذلك، أن الأيام الماضية شهدت حراكًا فعليًا يعكس بداية وعي جماعي وسط الأندية. فقد بدأت خطوات عملية لتوحد أندية ود نباوي، توتي، الزومة، وأهلي شندي “الحاضر الغائب”، ومريخ نيالا في جبهة واحدة، هدفها استعادة الحقوق المسلوبة، والتصدي لهيمنة الاتحاد الذي يتعامل مع الأندية بمنطق الولاء والطاعة، لا بمنطق الشراكة المؤسسية.

هذا التحالف هو تطور طبيعي ومهم فقد يغيّر مسار القضية برمتها. إذ يمكن أن يدفع الملف إلى أبعاد قانونية ورياضية وسياسية أوسع، ويفضح أخطاء وكوارث الاتحاد العام، الذي اختار أن يتصادم مع أنديته بدلًا من أن يكون مظلة حامية لها.

الاتحاد في مواجهة مفتوحة
الوضع الحالي يضع الاتحاد أمام اختبار مصيري: إما أن يستوعب الدرس ويفتح صفحة جديدة قائمة على الشفافية والعدالة، أو يواصل نهجه الحالي، بما يعني جرّ الساحة الكروية إلى مزيد من الانقسام والفوضى.

إن معركة الاتحاد مع الأندية لن تكون سهلة، لأن هذه الأخيرة بدأت تدرك أن قوتها في وحدتها، وأن الاستسلام لم يعد خيارًا متاحًا

وقبل الختام :—
لا شك أن كرة القدم السودانية تعيش حالة انعدام وزن بسبب عداء الاتحاد لأنديته التي رفضت الانصياع الكامل له. هذه الأندية ذات الشخصية المستقلة أصبحت في مرمى الاستهداف فقط لأنها لا تساير سياسة الولاء والطاعة.

ولأجل الحفاظ على مقاعدهم في الكراسي، لجأ قادة الاتحاد إلى أساليب ملتوية، يستميلون بها بعض الأندية والاتحادات عبر تقديم الدعم الشخصي والمصالح الضيقة، بينما يُقصون من يرفض أن يبيع ضميره في سوق الاتحاد.

الخيار الآن واضح: إما أن تتمسك الأندية بقيم العدالة والإنصاف لتنتزع حقوقها، أو تواصل الغرق في أتون الصراع والارتجال. وإن أحسنت إدارة معركتها، فإنها ستكتب فصلًا جديدًا في تاريخ اللعبة، عنوانه:
“الحقوق لا تُمنح، ولكنها تُنتزع”.

وأهلك العرب قالوا :

«إذا تفرّق القوم ضاع رأيهم، وإذا اجتمعوا ثبت أمرهم.

ولا تصمت عن قول الحق مهما كان مراً، فعندما تضع لجاماً في فمك سيضعون سرجاً على ظهرك.

والله المستعان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
XFacebookYoutubeInstagram
error: محمي ..