وسط الرياح

استغلال القانون

عدد الزيارات: 21٬008

474أبو بكر الطيب

إن الوسط الرياضي أكّد بما لا يدع مجالًا للشك أنّه في أشدّ الحوجة إلى صديق عاقل، صديق يتمتع بالعلم والحكمة والمعرفة والتجربة، لا إلى صديق جاهل أعمى البصيرة وأعمى البصر، فعداوة العاقل خيرٌ من صداقة الجاهل، وأقل ضررًا منها، الحكمة ضالة المؤمن، أُوجدت لتمنع شرًا كبيرًا، ولتحمي صاحبها من الوقوع في المواقع الحرجة والتصرفات الهوجاء غير المحسوبة، وما نشهده اليوم من قرارات لجنة التطبيع، ومن قبلها بعض ممارسات الاتحاد العام، لا يخرج عن كونه تصرفات حمقاء أدت إلى خلافات، وشقت وحدة الصف، وهتكت النسيج الرياضي، وهدمت الأخلاق، كل ذلك أمام أعين الجميع، ولا نجد من يعترض أو يرفض أو حتى يهمس بكلمة شجب.

قراءة في ضوء النظام الأساسي للفيفا
النظام الأساسي للفيفا واضح وصريح في كثير من المبادئ التي كان من الواجب الالتزام بها:
مبدأ الاستقلالية: يوجب أن تُدار الشؤون الرياضية بعيدًا عن التدخلات السياسية أو الحكومية، أي مساس بهذا المبدأ يُعد مخالفة صريحة.
النزاهة والشفافية في التعيينات والمكافآت: تُشترط الكفاءة وتكافؤ الفرص، لا الولاء الشخصي ولا المجاملة.
الفصل بين السلطات داخل الاتحاد: بحيث لا تتغوّل اللجان المؤقتة على سلطات الجمعية العمومية أو الهيئات القضائية والانضباطية.
آليات المساءلة والطعن: بما فيها اللجوء إلى المحاكم الرياضية الإدارية المستقلة أو حتى محكمة التحكيم الرياضية (CAS).
هذه المبادئ هي ضمانات تحمي اللعبة من الانحراف وتؤمن مسارها.

أمّا الواقع السوداني فنجد فيه الانحرافات بلا رادع
وعند مقارنة هذه المبادئ بالواقع نجد الانحرافات جليّة:
التعيينات والمكافآت: تم توزيعها على أساس الولاء والانتماء، لا على أساس الكفاءة والاستحقاق.
غياب المساءلة: لا لجان قضائية مستقلة تتحرك، ولا أصوات قانونية جريئة تضع حدودًا.
انتهاك الاستقلالية: تدخلات مباشرة وغير مباشرة أثرت على القرارات المصيرية، وهو ما يتعارض مع نصوص الفيفا.
الإفلات من العقاب: الأخطاء تُرتكب ثم تمر مرور الكرام، بلا مراجعة ولا محاسبة.

سياسة “الهروب إلى الأمام”
اللافت أنّ الاتحاد العام تحرّى الوقوع في أخطاء تُحرجه أكثر مما تُخرجه من أزماته، وأبرز مثال هو تعيين رؤساء لجان دون استكمال تكوينها، ثم السماح لهذه اللجان الناقصة بممارسة كامل الصلاحيات.
بهذا النهج تصبح القرارات إمّا أوراقًا للتنصل عند الطعن فيها، بإلقاء اللوم على رئيس اللجنة وحده، أو مكاسب تُعتمد في حال لم تواجه معارضة، إنّها سياسة “الهروب إلى الأمام” التي تُفقد الاتحاد مسؤوليته الجماعية وتُحوّل القانون إلى أداة انتقائية.
ولذلك فمن المتوقع أن تتوالى الطعون أمام محكمة التحكيم الرياضي (CAS)، سواء في قضية اتحاد الجنينة بقيادة حسن برقو، أو قضية ود نباوي، وربما قضايا لاحقة تخص أندية حي العرب وتوتي والزومة وأهلي شندي ومريخ نيالا.

لماذا الأمر خطير؟
استمرار هذا النهج يقود إلى نتائج بالغة السوء:
فقدان الثقة وضياع المنظومة الرياضية.
تبديد الموارد والطاقات على مناصب ومكافآت لا مردود لها.
انهيار القوانين محليًا، وفتح الباب لعقوبات دولية من الفيفا كما حدث سابقًا.

هل من طريق للإصلاح
هل يمكن مراجعة النظام الأساسي المحلي بما ينسجم مع الفيفا.
هل يمكن تفعيل آليات الشكاوى والطعن بشكل مستقل وشفاف.
هل يمكن ضمان الشفافية في التعيينات والمكافآت وربطها بالكفاءة والاستحقاق وإعطاء كل ذي حق حقه؟
هل يمكن حماية استقلالية الاتحاد من أي تدخلات خارجية.
هل يمكن إشراك أصحاب المصلحة من أندية ولاعبين وإعلاميين وقانونيين في الإصلاح.

وقبل الختام :-

الوسط الرياضي يحتاج إلى مزيد من الأصدقاء العقلاء لا إلى جهلاء، نريد عاقلًا واحدًا يضع حدًا للتجاوزات خيرٌ من صديق يُبارك الخطأ بصمته، إنّ الإصلاح ممكن إذا ما التزمنا بالقانون، وطبقنا الحكمة، وعدنا إلى جادة الصواب.

واهلك العرب قالوا :-

عداوة العاقل خيرٌ من صداقة الجاهل، فلنكن نحن من يختار العاقل، لا من يورث البليّة للآخرين، أنصاف المتعلمين أخطر من الجهل والجاهل.

والله المستعان

متى تستقيم رياضة الخرطوم؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
XFacebookYoutubeInstagram
error: محمي ..