وسط الرياح

أركويت.. التحرير.. الناصر.. لعبة الكراسي داخل لجنة التطبيع

عدد الزيارات: 21٬007

474أبو بكر الطيب

يبدو أن لجنة التطبيع في الخرطوم قررت أن تفتح موسمها على فوضى من العيار الثقيل.

فبعد قرارها باختيار نادي “الناصر” لتمثيل الولاية في التأهيلي، انكشفت خيوط كثيرة كانت تُنسج في الخفاء منذ عدة أشهر!

لقد ظننا أن كرة القدم السودانية قد تعلّمت من أخطاء المواسم الماضية، حين أصدر الاتحاد العام قرارًا واضحًا لا لبس فيه:
“لا يحق لأي نادٍ تمثيل ولايته في التأهيلي إلا إذا خاض دوريًا كاملًا من دورتين كاملتين، مرفقًا بالروليت الرسمي”.
وبذلك أغلق الاتحاد باب الاستثناءات نهائيًا بعد السماح لـ”أركويت” بالمشاركة آنذاك كاستثناء وحيد لا يُكرَّر.

لكن لجنة التطبيع — ويا للجنة التطبيع! — أعادت فتح الباب ذاته، وكأن القرارات عندنا تُحفظ في أدراج النسيان!

“أركويت” والاعتذار المحترم… و”التحرير” المتردد… و”الناصر” القادم من الخلف!

قدّم نادي “أركويت” درسًا في احترام الذات والمؤسسية، حين أعلن اعتذاره الصريح عن المشاركة في التأهيلي، موقفًا يستحق الاحترام والتقدير.

أما نادي “التحرير” البحراوي، فقد ضاع صوته بين مؤيدٍ صرّح باسم عبد الوهاب دهب، ومعارضٍ ردّ باسم الكوتش عاطف دهب، وكأننا أمام نادٍ له رأسين ولسانين!

لكن الأعجب من الاثنين هو اختيار نادي “الناصر”، الذي لم يكن لا ثانيًا ولا ثالثًا ولا حتى خامسًا… وإنما عاشر الترتيب!
فكيف قفز من أسفل الترتيب إلى بوابة التأهيلي؟

هل دخل التأهيلي من الميدان… أم من “باب العلاقات” الخلفي؟

“المستند” الذي فضح اللعبة
المستند الذي نضعه اليوم أمام القارئ — وهو صادر في الموسم الماضي — ينص بوضوح على إغلاق باب الاستثناءات، وعدم السماح لأي نادٍ غير مستوفٍ لشروط الدورتين بالمشاركة في التأهيلي.

وهذا يعني أن ما قامت به لجنة التطبيع ليس فقط تجاوزًا، وإنما خرق صريح للوائح الاتحاد العام وضربٌ لعدالة المنافسة في مقتل.

حتى وإن زعمت لجنة المسابقات أنها هي من طلبت تسمية الممثل، فإن ذلك لا يُعفيها من مخالفة القانون، لأن من يُفترض به حماية اللوائح لا يجوز أن يكون أول من يخترقها.

ولأننا لا نلقي القول على عواهنه، فإن الوثيقة نفسها كانت قد استخدمت لإيقاف استثناءات مشابهة العام الماضي.
فكيف تُعاد اليوم تحت مسمى “ترشيح”؟

إن الترشيح في القوانين الرياضية لا يُلغي الترتيب، ولا يمنح من هو عاشرٌ حق من هو أول!

الكرة في ملعب أندية الدرجة الأولى
نحن لا نطلب من أندية الدرجة الأولى أكثر من أن تقول كلمتها بوضوح.
أن تخرج من صمتها وتعلن موقفها، لأن القرار يمسها هي قبل غيرها.
هل تم استشارتكم؟
هل تم إخطاركم رسميًا؟
هل سُئل أي منكم إن كان راضيًا عن تجاوز روليت المنافسة؟
إن صمت الأندية اليوم ليس حيادًا كما يظن البعض، ولكنه شراكة في الخطأ بصمتٍ مخمليّ.
ومن سكت عن حقه، فقد رضي بانتزاعه.

إنها ليست معركة أشخاص… ولكنها معركة مبدأ
لسنا في خصومة مع أحد، ولا نكتب لتصفية حسابات.
لكن حين تُصبح العدالة “وجهة نظر”، وتتحول القوانين إلى “مزاجيات”، يصبح واجب القلم أن يكتب.
نكتب لأننا لا نريد أن يُختزل تاريخ أندية العاصمة في صفقة مجاملة أو ترضية ظرفية.
نكتب لأن الرياضة — قبل أن تكون منافسة — هي معيار للانضباط، والاحترام، والأخلاق.
ومن يضيق صدره بالنقد والكتابة فليعلم أن النقد لا يُوجَّه للأشخاص وإنما للأفعال، وأن من ضاق صدره بالحقيقة ضاق أفقه بالقيم والأخلاق.

وقبل الختام…
يا لجنة التطبيع:
لقد بعتم أندية الخرطوم بقرارٍ بخسٍ لا يليق بتاريخها ولا بقيمتها.
فالقيمة لا تُقاس بمن نُرضيه، وإنما تُقاس بمن نحترمه ونحترم حقه.
والكرة الآن ليست في ملعبكم، ولكنها في ملعب أندية الدرجة الأولى.
فلتتكلم بصوتٍ عالٍ قبل أن تُكتب عنها كلمات لا ترضاها،
ولتعلم أن التاريخ لا يرحم من شارك في العبث — بصمته أو بقراره.

وأهلك العرب قالوا:
ما أسهل الصعود في اتحاد الخرطوم ولجنته التطبيعية…
أن تكون جالسًا على مقاهي “جامعة الدول العربية”!

وقالوا أيضًا:
نصرة الحق شرف، ونصرة الباطل سرف،
وأكون حيث يكون الحق ولا أبالي.

والله المستعان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
XFacebookYoutubeInstagram
error: محمي ..