وسط الرياح

الاتحاد أمام خيارين:

عدد الزيارات: 21٬011
474

أبو بكر الطيب

بين الاعتراف والإنكار… مسافة تحدد من يكتب آخر فصل في تاريخ الاتحاد

لم تعد أوراق التوت قادرة على تغطية العورة الإدارية التي انكشفت على الملأ. فالقضايا المرفوعة أمام محكمة التحكيم الرياضي (كاس) تتكاثر كالنار في الهشيم، والقرارات التي صدرت خلال المواسم الماضية كانت كافية لتضع الاتحاد العام في مواجهة قانونية لا مهرب منها.

إن أي حكمٍ واحدٍ من تلك القضايا – إن كُسِبَ ضد الاتحاد – كفيلٌ بهز أركانه من القاعدة إلى القمة. فما بالكم إذا تتابعت الأحكام وسقط أكثر من ملف؟ وكُسِبَت أكثر من قضية؟

حينها لن يكون السؤال: من أخطأ؟ ولكن سيكون: من تبقَّى ليحمل التركة بعد الانهيار؟

إن دفوعات الاتحاد في أغلب القضايا ضعيفة، وموقفه القانوني مهتز، والمستندات التي بُنيت عليها بعض القرارات تفتقر إلى السند والمرجعية. وما عاد بالإمكان تسويق الشعارات أو دفن الأخطاء تحت ركام الزمن. فالمحكمة الدولية لا تعترف بالنيات الحسنة، وإنما بالأدلة الصحيحة. وكل قرارٍ خاطئٍ سيعود كالسهم إلى صدر صاحبه.

إن الاتحاد اليوم أمام لحظة لا تُشبه سواها:

فإما أن يمتلك شجاعة الإنقاذ الذاتي، وإما أن ينتظر الغرق بقرارٍ صادرٍ من الخارج.

بيدي لا بيد عمرو!

لقد ظن بعض القائمين على الأمر أن القضايا المرفوعة أمام (كاس) مجرد سحابة صيف، وأن بإمكانهم إدارة الأزمة بمنطق الوقت الضائع. لكن الزمن في عالم القانون لا يعمل لصالح من يخطئ، فكل يومٍ يمضي دون معالجة، تتحول فيه الأخطاء من هفواتٍ إدارية إلى مخالفاتٍ موثقة. والعالم من حولنا يتابع. فالقضية لم تعد محلية الطابع، ولكنها أصبحت جزءًا من سجل السودان الرياضي أمام الهيئات الدولية. ومن يظن أن تلك الهيئات ستتعاطف مع اتحادٍ يخاصم نظامه الأساسي ويعادي لوائحه بنفسه، فهو لم يفهم بعد أن العدالة الرياضية لا تُشترى بالعلاقات، ولا تُؤجَّل بالتصريحات.

إن اتحادنا أمام مفترق طرق، فإما أن يستعيد احترامه بالاعتراف بأخطائه وتصحيحها في الداخل، أو يُجبر على الخضوع لحكم الخارج الذي لا يعرف المجاملة ولا يحتمل العذر.

ولأننا لا نريد لهذا الكيان الوطني أن يُدفن تحت أنقاض العناد، فإننا نرمي إليه طوق النجاة الأخير — خارطة طريق عملية تُمكِّنه من إنقاذ نفسه قبل أن يُنقَذ منه:

  1. تشكيل لجنة جودية عليا من شخصيات قومية وخبرات قانونية ورياضية مشهود لها بالنزاهة والخبرة، تكون المرجع في تصحيح المسار.
  2. مهمتها العاجلة: مراجعة القرارات التي أضرت بالاتحادات والأندية، وإعادة الحقوق إلى أصحابها دون مواربة.
  3. الدخول في تسويات عادلة مع الأطراف المتضررة وسحب القضايا من (كاس) بالتراضي قبل صدور الأحكام.
  4. إعادة الهيبة القانونية عبر تفعيل النظام الأساسي وتفسيره وفق اللوائح الدولية.
  5. تجديد الدماء بمبدأ الإصلاح لا الانتقام.

ولعل ما سيُقال غدًا سيكون أشد وقعًا من هذا اليوم، فالقادم من ملفات (كاس) سيُظهر بالأسماء والتفاصيل أين يقف الاتحاد من العاصفة، وحينها فقط… سيتبيَّن من كان يغزل وهم النجاة بخيوطٍ من دخان.

وأهْلُ العرب قالوا: «من لم يتعظ بالسقوط، لن تُنقذه الحبال حين يهوى»

والله المستعان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
XFacebookYoutubeInstagram
error: محمي ..