الساقية لسه مدورة

أبو بكر الطيب
النصوص والتقييد… الحوكمة رهينة الستين يومًا!
تجربة المريخ وتقصير لجان القانون في الاجتهاد القانوني
في كل أزمةٍ إدارية يمر بها المريخ، لا تُفصح النصوص القانونية عن عجزها، ولكن يُفصح المفسرون عنها.
وهذا ما نراه اليوم في المريخ، حيث تتكرر قصة الستين يومًا، ولجان التسيير تُكوَّن وتنقضي، ثم تُعاد من جديد في دورة بيروقراطية لا تُثمر سوى مزيدٍ من الضباب.
المفارقة أن كل هذا يتم وفق النظام الأساسي، لكن دون أن تُلامس القرارات روح القانون التي وُضعت أصلاً لحماية الكيان واستمرارية نشاطه.
وهنا، تُطرح الأسئلة بصوتٍ عالٍ:
هل يعقل أن يظل نادٍ بحجم المريخ مرتهنًا لزمنٍ مؤقت لا يتجاوز ستين يومًا؟
وأين اجتهاد اللجان القانونية في تفسير النص بما يحقق المصلحة العامة لا النص الحرفي الجامد؟
الفقرة الأولى:
النظام الأساسي هو وسيلة لتنظيم الاستقرار
لقد نصّ النظام الأساسي على مدة مؤقتة للجان التسيير بحدود ستين يومًا، وهو نصّ منطقي في الأحوال العادية، لأنه يمنع التمادي في “الإدارات الانتقالية”.
لكننا اليوم أمام ظروف قاهرة واستثنائية؛ بلدٌ يعيش حالة اضطراب، تعذّر فيها قيام الجمعيات العمومية، وتعطّلت معها الأنشطة الانتخابية.
في مثل هذا الواقع، لا يُطلب من القانون أن يُعجز المؤسسات، وإنما يُنقذها من العجز، وهنا كان ينبغي على لجنة الحوكمة والانتخابات أن تُفعّل مبدأ “القوة القاهرة” وتُفسّر النص بروحه لا بحرفه، فتُمدد للجنة التسيير لعامٍ كامل — لا للزمن فحسب، ولكن للاستقرار الإداري الذي يقي النادي الفوضى.
الفقرة الثانية:
الاجتهاد غائب… والحوكمة أسيرة التكرار
الاجتهاد القانوني من الواجبات.
وحين تكتفي لجان الحوكمة بتكرار الحلول القصيرة الأجل، فإنها تُظهر عجزًا في الرؤية قبل أن تُظهر التزامًا بالنظام.
القانونيون في المريخ تعاملوا مع النص كحدٍّ قاطع، ولم يتعاملوا معه كأداة تتيح المرونة في ظل الواقع الطارئ.
لقد تجاهلوا ما يُسمّى في فقه القانون بـ”الظروف القاهرة” التي تمنح الشرعية لأي إجراءٍ استثنائي
يهدف إلى حماية المرفق الرياضي من الشلل الإداري.
ولذلك، كلما انتهت فترة لجنة، أُعيدت اللجنة نفسها بذات الأسماء!
وهكذا تحوّل النص الذي وُضع لضبط الزمن، إلى أداة تعطيلٍ زمني لا أكثر.
الفقرة الثالثة:
حين يغيب الاجتهاد… تفقد المؤسسات رشدها
المشكلة ليست في المادة القانونية، وإنما في العقول التي تُفسرها دون روحٍ أو وعيٍ بالمصلحة العامة.
لقد آن الأوان أن نُدرك أن احترام النص لا يعني تجميد الحياة.
فالنظام الأساسي خُلق لتنظيم النشاط لا لإيقافه.
إن المشرّع الذي كتب “ستين يومًا” لم يكن يتوقع هذا الظرف الوطني الاستثنائي، لكن لجنة الحوكمة التي تعيش هذا الظرف مطالبة بالاجتهاد لتملأ الفراغ التشريعي، لا أن تختبئ خلف سطورٍ جامدة.
وقبل الختام:
إن الرياضة — قبل أن تكون منافسة — هي إدارةٌ حكيمة للوقت والظرف، وحين يُصاب المشرّعون بالعجز عن قراءة الواقع، يصبح النصّ القانوني عبئًا لا نعمة.
ولذلك، فإن قضية المريخ اليوم ليست أزمة لجنة تسيير، وإنما اختبارٌ لذكاء الحوكمة القانونية في المريخ.
فإن لم تُفسّر النصوص لصالح الاستقرار، فسنظل ندور في حلقة الستين يومًا حتى تنقضي الأعوام، ويُدفن القانون نفسه تحت ركام العجز.
أهلك العرب قالوا
“من جَمُدَ على الحرف، ضيّع المقصد.”
بالله شوف ساقية جحا لجانا كيف متناطحة والصفوة تشرب بالكفوف، بالله شوف
والله المستعان.
