محمد الطيب كبّور
كرة القدم أكبر من كونها مجرد لعبة، تنتهي بأحد النتائج الحتمية الفوز أو الخسارة أو التعادل، فهي جسر للتواصل بين الشعوب، وترفيه للجمهور كمتنفس من ضغوط الحياة ويجب أن لا نحمّلها أكثر من ذلك، ومن أراد أن يحقق إنجازات فعليه اختيار طريق المؤسسية، وأن يعمل على تحقيق أهدافه باتباع نهج خططي بالاستعانة بأهل الخبرة، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وهذه تنقصنا في السودان كثيرًا لأننا ننظر فقط، ولكن عندما تحين ساعة الحقيقة فإننا نتهرب من كل ذلك ونحاول فرض آرائنا، ومن يتحكم في عملية الصرف يكون هو صاحب القرار دون سواه، لذلك فإننا نكرر في كل موسم ذات الأحداث في ذات التوقيت، وننتظر نتائج مختلفة لأن سقف الوعود كان عاليًا، لتبدأ رحلة البحث عن شماعة نعلق عليها أخطائنا، وبالطبع لا نعجز في إيجاد تلك الشماعة، ونرمي عليها كل اللوم لامتصاص غضب الجمهور، ويبقى الحال على ما كان عليه، ويتكرر الأمر في الموسم الذي يليه، ويستمر كل شئ دون معالجات حقيقة واقعية.
على المستوى المحلي الدوري الممتاز محصور فقط بين ناديي القمة، وطموح بقية الأندية موزع بين التمسك بالبقاء في الدرجة الممتازة، وبين الظفر ببطاقة التمثيل الخارجي في البطولة الكونفدرالية، وحتى دوري الأبطال لا تفكر أنديتنا فيه، وتتنازل عنه طواعية لقمة الكرة السودانية المريخ والهلال، لذا فإنهما يشاركان في دوري أبطال إفريقيا للأندية الأبطال، دون أي مزاحمة من بقية أندية الممتاز.
الكثير من أندية الممتاز تتهرب من المشاركات الخارجية المرهقة ماليًا، في ظل عدم توفر أموال لهذه الأندية كونها بلا موارد حقيقية، مما يجعلها تعيش الكفاف وبالكاد تسير نشاطها، والأدهى والأمر عدم وجود الرعايات، وحتى عائد التلفزة ضعيف للغاية لأن سوق الإعلان راكد تمامًا في السودان، إذ لا يعقل أن لا تحمل قمصان الأندية السودانية أي دعاية إعلانية، حتى قمة الكرة السودانية المريخ والهلال اشتركا في هذا الأمر، إلا أن نادي المريخ مؤخرًا قد طرق أبواب الراعية والبداية كانت مع البنك السعودي، وتحتاج هذه الخطوة التي تأخرت كثيرًا إلى انفتاح بشكل أكبر حتى يحقق شعار المريخ دخلًا معقولًا للنادي، ولو نظرنا إلى الدول التي حولنا لاكتشفنا أننا قد أهملنا أمر التسويق الرياضي بصورة غريبة، ولو أخذنا الدوري السعودي ودوري الأمير محمد سلمان كمثال، فإن جميع الأندية المشاركة قمصانها عامرة بالاعلانات، وحتى الدرجات الأدنى من الممتاز تحظى انديتها بالرعايات، وينطبق ذات الحال على أندية الجارة مصر، وذلك يعتبر استثمار مهمل لأن علامة المريخ التجارية تعد جاذبة جدًا، ولابد من الطرق مرارًا وتكرارًا لتصحيح هذا الوضع، الذي أضاع على المريخ مكاسب كبيرة.
أكثر وضوحًا
المؤسسية طريق النجاح، ولكن كيف الوصول إليها والإداريين عندنا لا يأبهون بها، بل يتعاملون بمفاهيم عقيمة تخصهم دون سواهم، خصوصًا لو كانوا هم أصحاب الأموال لذلك تتكرر نفس المشاهد ولا جديد يذكر بل قديم يعاد.
من الغباء أن تقوم كل مرة بنفس الخطوات وتنتظر نتائج مختلفة، وذلك أس البلاء في الكرة السودانية التي لا تريد المسير في طريق المؤسسية بطبيق المنهج العلمي، فقط لأن الممول هو من “يقلّب السمكة”.
كل موسم تكون أحلامنا كبيرة وتلامس الثريا، ولكن دائمًا نصحوا على واقع مرير بهزائم بالكربون بذات التفاصيل، والمحترفين كذلك بلا تأثير إلا بعض الحالات النادرة، لأننا لا ننظر إلى الكيف بل نبحث عن الكم، ونجلب كوتة دون تريث ودون متابعة.
لم أتمكن بالأمس من تلبية دعوة خيمة الصحفيين رغم أهمية الحدث، حيث كان الإعلان عن الدعوة متأخرًا، فلا يعقل أن تعلن عن برنامج بهذه الأهمية في نفس اليوم كأن الأمر وليد اللحظة، بالإضافة لاختيار زمن متأخر لبداية البرنامج.
مجرد سؤال
نتطور كيف وكل الأمور عندنا بلا دراسة؟