أخبار

قراءات في دفتر أغنية “على بابك”

عدد الزيارات: 21

كلمات: عبدالقادر الكتيابي
ألحان وأداء الراحل مصطفى سيد أحمد
الصّفوة
– قراءة: عبدالله برير

وكضغطة قاتلٍ مأجورٍ على زناد بندقيته؛ يقرع الجيتار على أذني قلبك بتصاعدٍ حميم، يتكرر لثلاث دهشات؛ بعدها تأخذك أرجوحة الحنين في تناغمٍ مريب مع الحزن؛ سيمفونية الشجن الوسيم توقظ فيك شبق الذكريات؛ موسيقى البداية وحمّى الأنفاس اللاهثة؛ آهات الكمنجات المذبوحة وعويل الجيتار.

الطَبلة تُنهي الجمل اللحنية بساديةٍ غريبة؛ تكتم نبض الآلات التي لا تستسلم، فتعـود الأنين.
صوت مصطفى ينساب كشلالٍ خرج توه من حمّام الشمس الصباحي.

علي بابك نهارات الصبر واقفات؛ ينطق الصبر بصبرٍ رحيم؛ يكاد صوته يذوب من الحزن ولو لم يمسّه شجن؛ يطيل المد في واقفااااااات وينصب سرادق العزاء في مأتم الأوركسترا.

وكهادمٍ للذات، يقتل الكتيابي عمدًا حرف الجر (من) ليصيب النهارات في مقتل: بداية الدنيا هِن واقفات.

الموسيقى تعلن استئناف ملحمة التحدي؛ كم ولهان وكم طاير بعد نتف جناحو وراك؛ يا إلهي! من أين للشاعر والمغني والملحن تخيّل صورة نتف الجناح؟

لمَلِّم حر ندامتو وفات؛ صوت مصطفى وهو يرتق حروف لمَلِّم، يخرج الميم من أعماق حزنه؛ يظن أنه يلمّلم بيده، وهو يشتّت شجننا في صوته المتحرّش بآلامنا.

قطع شامة هواك من قلبو؛ ويا لجمال الحب كشامة تزيّن القلوب والصدور والشفاه؛ إلا أن هواك نبت تاني؛ جاوزت حدود المعقول؛ كيف لشامة حُب قُطعت أن تنبت مرة أخرى؟ بل وعلي بابك وقف تاني.

في إلحاحٍ جميل “تاني”،
الغمائم شاقة قطن الليل؛ والإيقاع يطيل اللييييييل؛ مسافر فيها وحداني وبدون جنحين.
يا الله من هذا السفر… وحداني.
يخرجها مصطفى ويستهلّها من علياء وحدته؛ لتحسّها وحيدة بلا موسيقى.

يغنيك الهَنا المافي؛ رمانة النص؛ غيبيات الهَناء تغني لها في تلاحم غريب مع الغياب ووفاءٍ جم.

يغنيلك رهَافة حسّو؛ يقطعها هذا الجميل “حس سو”؛ ويقطع فينا أوردة الحنين لنقف معه موتى ولو لبرهة؛ ويرهف حسّه كهمسٍ شفيف؛ يفنى على جليد آماله ويحلم بالشتاء الدافي؛ مدّ الصوت في يفنـــى؛ مدّ حبال التوهان؛ يحلِّللللِم… هكذا يهدهد الميم بغنة رحيمة ترسم صورة الحلم.

وسرعان ما يظهر التضاد في الشتاء الدافي.
وكم يأسرُك بموسيقاه التي تأخذك إلى العليين مع طبقات الشجن؛ ثم يهبط بك إلى قرار الحزن؛ ويؤرجحك بخدر لذيذ؛ لتبقى بين يديه؛ تدور في ذات الفلك؛ في تحدٍّ وأمل وحزنٍ وتفاؤل.

وقدر ما يمشي في سور الزمن خطوات، يلاقي خطى السنين واقفات؛
من أي حزن يخرج هذا المصطفى صوته؟ وكيف لطبقاته أن تكون رهيفة إلى هذا الحد؟
وقدَر مااااااا… يلاقي هواك نبت تاني.
وكقائد أسطول بحري، يأخذك إلى شواطئ التفاؤل، وينتشلك من غيابة اللاوعي، ناثرًا فيك صوته المتحرّش وموسيقاه القاتلة.

قراءات في دفتر أغنية (على بابك)
قراءات في دفتر أغنية (على بابك)
قراءات في دفتر أغنية (على بابك)
قراءات في دفتر أغنية (على بابك)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
XFacebookYoutubeInstagram
error: محمي ..