قارورة البنك السعودي
د. طارق عوض سعد
لم تسلم عقيقة مجلسنا الهمام، التي نُحرت لصالح قاروة أرض الأحلام الحتانة، حتى كادت أن تصيبنا بمقتل آخر عبر قارورة أخرى عنوانها الرئيس “البنك السعودي”.
حريٌ بنا ونحن لا زلنا أسرى الإحباط منذ معركة ذات القوارير، حريٌ بنا أن نبحث عن سقيا جديدة بمقاييس ليس من بينها آنية الماء تلك، بيد أننا عصاميون في حب النجم، وانسحب هذا الود بكامل عباءته الأرثوذكسية على عنوان ناص “من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر”، اتساقًا ومسارًا لفتح ضاح مؤداه أن سامح من يؤذيك.
هذه المرة حجوة البنك السعودي، ولست مصرفيًا لكن لم يعوزني البحث سوى بضعة أسئلة، استطعت الإجابة عليها بعيدًا عن تعقيدات ورياضة الأموال المعروفة.
ولقد وجدت أن اتفاق البنك السعودي السوداني ونادي المريخ، تندرج ضمن المسئولية المجتمعية للبنك، علمًا بأن المبلغ حسبما نشر 500 ألف دولار لمدة عام، طبعًا الكلام ده من واقع أفواه صناع القرار “الحقيقيين” بالمريخ، هذا لأن مطبخ القرار في الأصل يوجد خلف ضاحية النادي البعيدة، بحيث تظل نخبة المجلس المنتخبة وعاءً لاستقبال القتات، مثلي ومثل عامة الناخبين المريخاب.
ما علينا، في العرض الرسمي للمسرحية بعد بروفات ومونتاج القرار بشكل مسبق، خرج علينا السيد رئيس النادي بتصريح مزدوج مع السيد رئيس مجلس إدارة البنك، عن القيمة الكلية وأمدها، ولم أندهش بالطبع لكون القرار لم يخالف فرمان حكومة الظل.
حثيثًا تقمصت صورة المصرفي، فنظرت وتفحصت آخر نشرة لسوق الاوراق المالية، فوجدت أن البنك قد طرح 35% من أسهمه في يونيو 2022 بعدد 350 مليون سهم، وإن قيمة السهم مع زيادة علاوة الإصدار تساوي 1.56 جنيه، أي ما يعادل 977.371 ألف دولار، وأن مجمل الأرباح المبتغاة في حدود 1.020 مليون جنيه.
وهنا يتواثب سؤال للأذهان، بأي عقلية اقتصادية يتم دفع مسؤولية مجتمعية بأكثر من نصف الطرح العام للأسهم؟
لن أخوض في قدح عقول الجهات المدبرة وهي بطبيعة الحال مجلسنا الهمام.
ولكن ثمة سؤال، بنك حاصل أرباحه من رأس مال باهت لا يتناسب مع روؤس أموال البنوك الكبيرة، عطفًا على حقوق عملائه من عائد أرباحه، باستصحاب قراءة نشرة البنك نفسه في العام 2022، بالله عليكم كيف يتسنى له توفير مثل هكذا مبالغ نظير اتفاق المفترض أنه مشهود ومقنن؟
في ظني أنه ثمة قراءات خلف العقود، وأتمنى أن تصب في مصلحة الكيان إن وجدت، وعلى الرغم من رفضنا للبيوتات الخلفية، إلا إننا نقدر إدمان المجلس على ذهق الفرامين وهذه بتلك، ونصيحتي لهم إن قبلوا النصح هي أن المريخ ليس ملكًا لهم، وإن قارورة البنك ليست عصية على الكسر بأيادي المريخاب الخلص، وإن ضواعها ونفاذها سالك الطرقات.
وعليه ومن باب الشفافية فإن “نشر الاتفاق المبدئي”، حقيقٌ بالفعل لمفاداة ردة الفعل.
هذا أو الطوفان.