وسط الرياح

هزيمة شباك أم هزيمة عقول؟!

عدد الزيارات: 14
ابو بكر 4

أبو بكر الطيب

بعد هزيمة منتخبنا أمام المنتخب العراقي، ضجّت الساحة الرياضية بالتحليلات وردود الأفعال…

تحليل للأهداف، نقد للمدرب، قائمة للاعبين الذين ما قصّروا” وآخرين الذين “قصّروا كثيرًا”.
فالخسارة لم تكن أمام منتخب العراق.

الخسارة كانت أمام أنفسنا، منذ سنوات، قبل أن يُعلن الحكم بداية المباراة بوقت طويل.

١. الصفّ الأول يهزمُه الصفّ الثاني: العلامة التي حاول كثيرون تجاهلها
أكبر درس في هذه المباراة ليس الهدف الذي سُجِّل…
ولا المساحات التي تُركت…
ولا التمريرة الخاطئة التي انتهت بهدف.
الدرس الحقيقي هو:
نحن لعبنا بالمنتخب الأول… وخسرنا أمام منتخب رديف.
العراقيون — مثل الجزائر والأردن وتونس — يوسعون قاعدة الاختيار ببناء صفّين وثلاثة، كلهم يقتربون من مستوى واحد.
أما نحن…
فنستنزف الصف الأول حتى يجفّ، ونعتبر مجرد تغيير لاعب “مجازفة كبرى”.
هم يصنعون المستقبل…
ونحن نستهلك الماضي.
هذه هزيمة تكتيك، وهزيمة رؤية.
٢. اللاعب السوداني: الحماس الذي لا يرافقه عقل… يصبح خصمًا
في الدقيقة التي يستلم فيها لاعبنا الكرة، يبدأ التفكير.
بينما اللاعب المحترف في العراق أو الجزائر أو المغرب… أنهى التفكير قبل أن تصل الكرة.
هنا الفرق.
هنا الهزيمة التي لا تُرى.
لاعبنا ما زال يظن أن القوة والاندفاع والرجولة كافية لتحسم مباراة.
لكن اللعبة لا تُلعب بالرجالة… الكرة تُلعب بالعقل.
كم مرة نرى لاعبًا يصرّ على تمرير “الباص” لزميله حتى لو كان مراقبًا؟
كم مرة يفشل في تغيير اتجاه اللعب؟
كم مرة يفقد الكرة لأنه لم يقرأ المساحة قبل أن تأتيه؟
كم مرة تحوّل الحماس إلى عبء على الفريق؟
هذا ليس ذنب لاعب، هذا ذنب مدرسة كاملة لم تُعلّمه سوى الجري… ولم تعلّمه كيف يفكّر.
٣. المنتخب ليس “مجموعة أسماء المنتخب “نظام”… ونحن بلا نظام
لو اجتمعت أفضل عشرين لاعبًا في العالم في فريق بلا تنظيم…
سيهزمهم منتخب متوسط يملك نظامًا واضحًا.
فما بالك بمنتخبنا… الذي لا يملك لا النظام ولا الأسماء التي تُنقذ غياب النظام؟
الكرة الحديثة تقوم على:
• هندسة وسط الملعب
• قراءة الإيقاع
• التغيير بين السرعة والبطء
• استخدام الأطراف بشكل علمي
• البناء من الخلف
• حدود ذهنية صارمة
لكن منتخبنا يلعب بالأسلوب نفسه منذ عشرين سنة:
كرة طويلة للمهاجم…
معركة بدنية في الوسط…
وخط دفاع يطارد الكرة لا المساحة.
لا شيء تغيّر… لذا لا شيء ينتصر.
٤. اللاعبون الكبار… يُحترمون، لكن الزمن لا يُعفي أحدًا
صلاح عادل، محمد عبد الرحمن، وآخرون…
لهُم تاريخ، ونقدّر لهم ما قدموه، ولكن:
كرة اليوم لا تُسامح العمر.
وكل لاعب يتجاوز 33–35 عامًا يحتاج بيئة احترافية كاملة…
ونحن لا نملك البيئة، فلماذا نصرّ على الأسماء القديمة؟
لماذا الخوف من تجريب وجوه جديدة؟
لماذا الخوف من ضخّ دماء مختلفة من أندية غير الهلال والمريخ؟
لماذا نظل نُعيد تدوير نفس الوجوه، ثم نشتكي من انعدام التطور؟
التجديد ليس خيانة…
التجديد حياة.
٥. المشكلة الأعمق: نخلط دائمًا بين “الموقف” و“المبدأ”
الهزيمة أمام العراق كانت بسبب مشكلة عقلية:
• نغضب من هدف، ولا نغضب من نظام.
• نتساءل عن لاعب، ولا نسأل عن فلسفة.
• نلوم المدرب، ونتجاهل أن المدرب بلا أدوات.
• نبحث عن حماس، ولا نبحث عن ذكاء.
كل شيء عندنا رد فعل.
نعيش اللحظة… وننسى الطريق.
ننتقد النتيجة… ونترك الأسباب.
ولهذا — مهما تغير المدرب — تظل الخسارة واحدة…
لأن العقلية هي نفسها.
٦. الدرس الأخير من مباراة العراق: نحن نخسر قبل أن نلعب
خسرنا لأن:
• لم نعرف هويتنا.
• لم نعرف ماذا نريد.
• لم نحترم الزمن.
• لم نغيّر أدواتنا.
• لم نفهم أن كرة القدم لم تعد “شيلة” بل “هندسة”.
العراق لم يهزمنا…
نحن هزمنا أنفسنا.

واهلك العرب قالوا:

مَن لم يُصلح أصلَه… أظلَّه فرعُه.
وهذا هو حال كرتنا…
نلوم الفروع وننسى الأصل.
نصلح القمة ونترك الجذور.
فنعود كل مرة من الملعب بالنتيجة نفسها… وإن تغيّر الخصم

والله المستعان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
XFacebookYoutubeInstagram
error: محمي ..