وسط الرياح

لوزان السودانية

عدد الزيارات: 1
ابو بكر 4

أبوبكر الطيب

كثيرًا ما تأتي لحظات لا يكون فيها الصمت رأيًا… ولا يصبح الانتظار حكمة.

نكتب لكم اليوم من قلب العاصفة، ومن وسط الرياح لا لنُحصي الجراح، ونزيد الأوجاع، ولكن لنفتح نافذةً تخرج منها ريح التغيير.

فالرياضة السودانية بكل أسف بلغت مرحلة لم يعد التجميل فيها حلًّا، ولا ترقيع الثقوب ينقذ مركبًا يغرق.

لقد تحوّلت الشكاوى اليومية من مجرد أحداث عابرة إلى مؤشرات انهيار مؤسسي…

وبات الظلم في بعض أروقة الرياضة عادةً مألوفة؛ يمرّ أمام الجميع دون أن يرفّ جفن، وكأن العدالة أصبحت أمرًا لا يليق بالفقراء في وطن يتنفس كرة القدم.

إننا نرى بوضوح لا يحتاج عدسةً مكبّرة أن:

• أنديةً تُظلم… ثم تُعاقَب على اعتذارها لأنها عاجزة عن أداء رسالتها.

• اتحادات محلية تُكسَر إرادتها وكأنها خصوم لا شركاء.

• قرارات تُصاغ بروح الانتقام لا بروح القانون.

• وقضايا تتزاحم على أبواب كاس، حتى خُيِّل لنا أن السودان بلا قضاء رياضي ولا مظلة إنصاف.

ولأن العدالة حين تغيب لا يمكن أن تُعوَّض ببيانات، ولا تُستعاد بخطب… كان لزامًا علينا أن نقول ما يجب قوله:

السودان بحاجة عاجلة، وملحّة، وضرورية إلى محكمة رياضية وطنية مستقلة، تكفي الناس شرّ الظلم والفساد الذي حاق بهم من الاتحاد السوداني.

محكمة لا تخاف الاتحاد… ولا تخضع لأي مسؤول… ولا تتأثر بالمحاباة ولا الولاءات الضيقة.

هذه المحكمة تؤسّس قاعدة البناء الرياضي الحديث.

وهي الحائط الذي يقف بين سلطة الاتحاد وجسد اللعبة.

وهي حائط الصد الذي يمنع الظلم قبل أن يقع.

وهي الصمام الذي يحفظ هيبة الرياضة ويعيد الثقة إلى الشارع الرياضي الذي تاه بين القرارات المتقلبة والقراءات المزاجية.

وبين حلفا والزنجي هناك

مساحات كما بين وادي حلفا والقرية ستين

ولأن التردّد لا يبني مؤسسات…

ولأن التغاضي ليس سياسة…

أعلنت مجموعة من أبناء الوسط الرياضي إطلاق مبادرة تأسيس المحكمة الرياضية السودانية، مع فتح باب التوقيع ليشارك فيها كل صاحب صوت وضمير:

من الأندية، والاتحادات، واللاعبين، والإعلاميين، والمدربين، والقانونيين، والجماهير.

هذه المبادرة ليست انفجارًا لحظة غضب، ولا رد فعل لمباراة، ولا بحثًا عن ضوء…

إنها ثمرة سنوات طويلة من:

• تهميش

• تعنّت

• تجاهل

• واستعلاء إداري لم يترك للناس إلا اللجوء إلى كاس

وإن كنا من موقع الشراكة لا الخصومة نوجّه اللوم، فإننا نقول بصراحة:

إن الاتحاد السوداني لكرة القدم ساهم، بقراراته وطبائعه وتعنّته، في خلق هذه الحاجة العاجلة لمحكمة مستقلة تُنقذ ما يمكن إنقاذه.

واليوم، لا ندعو الرياضيين إلى الاصطفاف خلف فكرة، ولكن ندعوهم خلف حق أصيل واجب انتزاعه.

فالرياضة التي بلا عدالة…

كالملعب الذي تُمحى خطوطه…

تتحول لساحة فوضى، يتحكم فيها الأقوى لا الأحق، ويُرفع فيها الظالم على أكتاف الصامتين.

إن المحكمة الرياضية لن تُنصف فريقًا بعينه…

ولكنها ستحمي الجميع.

ستحمي اليوم من ظلم الغد…

وستعيد احترامًا ضاع في زحام الرغبات والمصالح.

وها هو الطريق يبدأ بخطوة صغيرة… لكنها عظيمة الأثر:

التوقيع على وثيقة تأسيس المحكمة الرياضية السودانية.

هي الشرارة…

تليها الأرضية القانونية…

ثم المذكرة الرسمية…

ثم الضغط المهني والإعلامي…

حتى نصل إلى لحظة إعلان المحكمة المستقلة التي تُعيد للرياضة السودانية توازنها.

وأهلُك العرب قالوا:

وما انتفاعُ أخي الدنيا بناظره

إذا استوت عنده الأنوارُ والظُّلَمُ

فالذي يستوي عنده الظلم والعدل…

لا يستحق أن يكون شاهدًا على بناء مستقبلٍ أنقى.

وهكذا نضع أمام القارئ لوحةً كاملة…

جذورها في الواقع،

وفروعها في الأمل،

وثمارها في العدالة التي نُطالب بها لا لأنفسنا ولكن لكل من آمن بالرياضة طريقًا للكرامة قبل الانتصار.

والله المستعان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
XFacebookYoutubeInstagram
error: محمي ..