أبو عشرين…!!

أبو بكر الطيب
10+10 = نكبة إدارية أم كارثة فنية؟
قبل أن نتعجل الإجابة، دعونا نطرح السؤال كما يجب أن يُطرح.
هل ما حدث للمنتخب سببه حارس مرمى أخطأ؟
أم سببه إدارة أخطأت ثم أعادت الخطأ إلى الواجهة وكأنه إنجاز؟
لأن الكارثة الفنية – مهما كانت موجعة – يمكن علاجها بالتدريب والتصحيح،
أما النكبة الإدارية، فهي التي تُنتج الخطأ،
ثم تحميه،
ثم تعيده،
ثم تطلب من الجماهير أن تنسى.
في السودان، لا نعاني من قلة المواهب بقدر ما نعاني من قِصر الذاكرة.
ننسى الإخفاق سريعاً،
ونغفر القرار الفاشل أسرع مما ينبغي،
ثم نتفاجأ حين تعود نفس الأسماء ونفس السيناريو ونفس الخيبة.
ومن هذا الباب، نكتب اليوم عن قصة الحارس أبوعشرين مع المنتخب،
لا بوصفها قصة لاعب خانته لحظة،
ولكن بوصفها حالة إدارية كاملة تختصر كيف يُدار المنتخب بلا معايير واضحة، وبلا مشروع، وبلا شجاعة في الاعتراف.
ذاكرة الجرح المفتوح
يعرف الرياضيون جميعاً تلك المرحلة التي خرج فيها منتخبنا من التصفيات بخروج موجع، لا لأن الخصم كان أفضل،وإنما لأن الأخطاء كانت ساذجة، قاتلة، وفي توقيت لا يُغتفر.
وكان الحارس أبو عشرين بحكم موقعه – عنوان تلك اللحظة، لا لأنه وحده المسؤول، ولكن لأن مركزه لا يحتمل التبرير.
لم تكن المشكلة في هدف دخل الشباك،
كانت المشكلة الحقيقية في الإحساس العام بأن المنتخب يُدار بلا حذر وبلا تخطيط
وأن الثمن يدفعه اللاعبون والجماهير… بينما ينجو القرار.
قرار ظنناه صحوة
عندما تم استبعاد أبوعشرين لاحقاً، شعر الشارع الرياضي بشيء من الارتياح،
لا شماتة في لاعب،
ولكن احتراماً لفكرة أن القميص الوطني ليس ضماناً أبدياً،
وأن الثقة تُسحب حين تُهدر.
ظننا – وكم نحن طيبون – أن الرسالة وصلت،
وأن التجربة حُفظت في دفتر الأخطاء،
وأن الإدارة تعلمت… أو هكذا خُيّل إلينا.
هنا تبدأ الحيرة
لكن وإن كان أبوعشرين – كما يقول المدافعون عنه – ما زال يملك ما يمكن أن يضيفه للمنتخب،
فالسؤال البديهي الذي يفرض نفسه:
لماذا تم استبعاده أصلاً؟
وهل الأسباب التي أدت إلى ذلك الاستبعاد قد زالت الآن؟
هل تغيّر مستواه؟
هل عالج أخطاءه؟
هل قُدِّم للرأي العام تقييم فني جديد يبرر عودته؟
أسئلة مشروعة… لكنها بلا إجابات.
هنا تملكتنا الحيرة، وتحول الاستغراب إلى اندهاش،
لأن القصة لم تعد قصة اختيار فني،
القصة بدت وكأنها إدارة تتخاصم يوماً… وتتصالح يوماً آخر،
بلا ثبات، بلا معايير، وبلا احترام لذاكرة الرياضيين.
مرة يُبعد اللاعب لأن وجوده عبء،
ومرة يُستدعى لأن غيابه فراغ،
وفي الحالتين لا أحد يشرح، ولا أحد يبرر، ولا أحد يُحاسَب.
لعب عيال… باسم المنتخب
هنا بالضبط، تخرج القضية من ملعب كرة القدم،
وتدخل ملعب العبث.
المنتخب الوطني لا يُدار بالعاطفة،
ولا بالمجاملات،
ولا بردود الأفعال،
ولا بإرضاء هذا الطرف أو ذاك.
ملف المنتخب أكبر من أن يُدار بعقلية:
نغضب اليوم… ونصالح غداً،
نُبعد اليوم… ونستدعي غداً،
دون تفسير، ودون مراجعة، ودون شجاعة.
هذا ليس تخطيطاً،
هذا لعب عيال في أخطر ملف رياضي في البلد.
الطبل… شريك أصيل في الجريمة
ولا تكتمل الصورة دون أولئك الذين طبّلوا، وبرروا، وزيّنوا القرار،
لا حباً في المنتخب،
وإنما خوفاً على مواقعهم،
أو سعياً لقرب،
أو حفاظاً على مصلحة.
هؤلاء لا يقلون خطورة عن القرار نفسه،
لأنهم يخدرون الرأي العام،
ويمنعون أي تصحيح،
ويمنحون الفشل حصانة زائفة.
فلا إدارة فاشلة تستمر وحدها…
بل تستمر بمن يصفق لها.
وقبل الختام :-
قضية أبوعشرين قضية حارس مرمى، تعكس سوء الفهم الإداري، وغياب المنهج، وتناقض القرار.
منتخب يُدار بلا ذاكرة،
وبلا معايير ثابتة،
سيظل يدور في نفس الحلقة:
نغيّر الأسماء…
وتبقى الأخطاء.
نحن لا نهاجم لاعباً،
ولا نُعدم موهبة،
نحن فقط نسأل سؤالاً بسيطاً ومؤلماً:
هل المنتخب يُدار بالعقل… أم بالعادة؟
وأهلك العرب قالوا:يخاصم يوم ويرجع يوم ويعذبنا بهزيمته
ويتحدانا يوم يرجع تقول اقدارنا فى ايده
نقول ياريتو لو يعرف عذاب الغُلب وتنهيده
وبدل مانحنا بنتعاتب بنفرح يوم يهزمنا
الجرّب المجرب…
عقله مخرّب
والله المستعان
