وسط الرياح

فاقدُ الشيء… هل يُعطيه؟

عدد الزيارات: 3
ابو بكر 2

أبو بكر الطيب

من هنا يبرز سؤال لا يمكن الهروب منه، مهما حاولنا تزيين الصورة:
ألا يحمل هذا التعيين الدولي، في ظل واقعنا المحلي المرتبك، قدرًا من الاستخفاف بالمعيَّن نفسه؟
فكيف يُمنح شخص ثقةً دولية في لجنة تُعنى بالملاعب والأمن، والانضباط، والتخطيط بعيد المدى، بينما تُدار المسابقات في بلده بمنطق الارتجال، وضغط المواعيد، والاستهانة بأبسط حقوق الأندية واللاعبين؟

ليس في السؤال تقليل من قيمة التعيين، ولا طعن في الكفاءة الشخصية، لكن الواقع يقول إن فاقد الشيء لا يعطيه، وإن من يعجز عن فرض معايير التخطيط والاحترام في بيته، سيظل في نظر كثيرين مجرد اسمٍ لامع في الخارج، بلا أثر حقيقي في الداخل.
الأخطر من ذلك، أن إعلان الدوري بعد سبعة أيام فقط من نهاية بطولة الامم الافريقية في المغرب ؛ لا يمكن تفسيره إلا باعتباره استهانة صريحة بالأندية واللاعبين.
وكأن مشاركة هذه الأندية في البطولات الإقليمية أو القارية أمرٌ تحصيلي، وتكملة أدوار لا يُنتظر منها إنجاز، ولا تُحسب لها كلفة بدنية أو فنية.أو تحقيق نتائج إيجابية
وهذا منطق خطير، لأنه ينسف فكرة التنافس من جذورها.
فحين تُدار الروزنامة وكأن النتائج الخارجية غير مهمة، فإن الرسالة التي تصل للاعبين واضحة:
قاتلوا خارجياً… لكن لا تتوقعوا منا حماية أو تقديرًا.
ثم نصل إلى السؤال الذي لا يجوز القفز فوقه:
أين نادي الهلال من إعراب بداية الدوري في السابع من يناير؟
فهل أُخذ هذا الاحتمال في الحسبان؟
هل وُضعت سيناريوهات لصعود الهلال، أو استمراره في المنافسة القارية، أم أن الحسابات توقفت عند خانة “إعلان البداية”؟
إذا كان الهلال ينافس، ويخوض مباريات عالية النسق، فكيف يُطلب منه أن يعود، دون راحة أو إعداد، ليُقحم مباشرة في دوري محلي طويل النفس؟
وأي عدالة هذه التي تضعه – ومعه بقية الأندية المشاركة قاريًا – في ميزان واحد مع فرق لم تغادر البلاد، ولم تتعرض لذات الضغط البدني والذهني؟
إن تجاهل وضع الهلال، في هذا التوقيت، ليس خطأً تنظيميًا فحسب، بل إشارة استخفاف بمكانته، وبما يمثله للكرة السودانية، وبفكرة أن يكون لدينا نادٍ قادر على المنافسة القارية الجادة.
الاستخفاف… أخطر من الخطأ
الخطأ يمكن تصحيحه،
أما الاستخفاف، فهو نهج.
والذي يُعلن موسمًا بلا دراسة، ويضغط الأندية، ويتعامل مع المشاركات الخارجية كتحصيل حاصل، لا يحق له أن يتحدث عن تطوير، ولا عن احتراف، ولا عن نتائج.
المفارقة المؤلمة أن ذات العقل الذي لم يمنح سبعة أيام إضافية لراحة لاعب، هو عقلٌ نال ثقة الفيفا في لجان تُدار باليوم والساعة والخطة طويلة الأمد.
وهنا تتكرس صورة الوضع المائل:
نشدّد في الخارج، ونستهين في الداخل.
نُحاسَب عالميًا بالمعايير، ونُدار محليًا بالترضيات.
نحن مطالبون بإعادة احترام اللعبة داخل حدودنا.
أن نُعامل أنديتنا كما تُعامل أنديتهم.
وأن نحمي لاعبينا قبل أن نُطالبهم بالنتائج.
فالدوري الذي يبدأ بالاستخفاف،
غالبًا ما ينتهي بالخيبة.

واهلك العرب قالوا:

من لم يوقّر أهله في الدار، لم يهابه الناس في الأسفار

والله المستعان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
XFacebookYoutubeInstagram
error: محمي ..