الأيام تُبدي ما كنتَ جاهلًا

أبو بكر الطيب
اتحاد يحترف الخروج… ويحتفل بالمشاركة
ليس في الأمر مفاجأة، ولا يستحق الدهشة من الأساس.
فالدهشة تحتاج إلى عقلٍ حيّ، وإدارةٍ تحترم نفسها، ومنظومةٍ تخجل من الفشل.
أمّا عندما يصبح الفشل نهجًا، والتخبط سياسة، والتبرير ثقافة، فهنا لا نندهش… ولا نستغرب، فقط نُدوّن.
نحن لا نريد أن نناقش الهزائم في المباريات، ولا نختلف حول خطة هجومية أو دفاعية، ولا نلوم حارسًا أخطأ التقدير فاستُبعد ثم أُعيد تارةً أخرى.
نحن أمام كشف حساب إداري شامل، بعد أربع مشاركات دولية وقارية وعربية، خرجنا من ثلاثٍ منها بلا أثر، وحجزنا مقعد الخروج من المنافسة الرابعة قبل أن تبدأ.
وليس ذلك بأمرنا، وإنما بأمر لجنة المسابقات التي اعتبرت نهاية مشاركة المنتخب مع نهاية المرحلة الأولى للتصفيات في 31/12، وأن المنتخب لن يتخطى هذه المرحلة لما بعدها في المنافسة، لذا حُدِّد قيام الدوري الممتاز في 7/1 القادم.رغم استمرار المنافسة
أربع مشاركات… وصفر كبير
لنضع الأرقام على الطاولة، بلا مكياج:
• ثلاث بطولات غادرناها بخُفّي حنين.
• بطولة الدوري الممتاز تم إعلان انطلاقتها في 7/1،
بينما تبدأ المرحلة الثانية من البطولة الرابعة بالمغرب في الأول من يناير.
هذا ليس خطأً حسابيًا، ولا زلّة قلم، ولا سوء تنسيق.
هذا إعلان غير مكتوب يقول:
منتخبنا لن يتجاوز هذه المرحلة… فلماذا نُتعب أنفسنا بالتأهل؟
حين تعرف النتيجة مسبقًا، وحين تُدار الروزنامة بعكس المنطق، فأنت لا تُخطئ… أنت تنسحب ذهنيًا قبل صافرة البداية.
المشاركة غاية… لا وسيلة
وهنا نصل إلى جوهر الحكاية:
هذه المشاركات لم تُصمَّم للمنافسة، ولا للتطوير، ولا لبناء منتخب.
صُمِّمت لشيء واحد فقط:
الحضور الشكلي، واستلام الدفعة الأولى،من الحوافز ثم العودة سالمين.
نشارك…
نُهزم…
نُغادر…
نُصدر بيانًا…
نلوم الظروف…
ثم نبدأ من جديد.
الساقية لسه مدوّرة،
والنتيجة ثابتة: صفر إنجاز.
إدارة تُراكم الفشل وتسوّقه إنجازًا
الأخطر من الخروج، أن يُسوَّق الخروج على أنه نجاح، وأن تُقدَّم الإجراءات الروتينية على أنها انتصارات قانونية، وأن يُخاطَب الرأي العام وكأنه لا يقرأ، ولا يفهم، ولا يسأل.
وهنا تحديدًا، خرج بعض مسؤولي الاتحاد من خلف الستار، ووضعوا أنفسهم مكشوفين تمامًا أمام الإعلام والجمهور، حين فسّروا المخاطبات وكأنها أحكام، والتنبيهات وكأنها انتصارات، والمهل وكأنها إغلاق للملفات.
محاولات مكشوفة لـ ليّ عنق الحقيقة، وتقديم العادي على أنه استثنائي، والفارغ على أنه ممتلئ.
والأدهى والأمرَ ؟ الاعتقاد بأن الناس لا تراجع، ولا تقارن، ولا تقرأ المستندات.
حين يصبح القانون أداة للتضليل
لا شيء يسيء إلى العمل القانوني أكثر من استخدامه كستار.
فالقانون ليس شعارات، ولا تصريحات، ولا ثقة زائفة.
القانون وقائع، ومستندات، ومسارات واضحة.
وأي محاولة لتضليل الرأي العام عبر تفسير انتقائي للمخاطبات ليست ضعفًا فقط… وإنما مقامرة بالعقول واستخفاف بها
والعقول – مهما صبرت – لا تُخدع إلى الأبد.
المنتخب بلا مشروع… والاتحاد بلا خجل
بعد كل هذه المشاركات، نسأل سؤالًا بسيطًا:
ما الذي تغيّر؟
ما الذي تطوّر؟
ما الذي بُني؟
لا منتخب أول يخطو للأمام، ولا فئات سنية تُثمر، ولا دوري يُدار باحتراف.
كل ما هناك إدارة تُراكم التجربة… ولا تتعلّم.
الجمهور… بطل البطولة الوحيد
ومن باب العدل، هناك فائز واحد فقط في كل هذه الرحلة: الجمهور السوداني.
في البطولة العربية بقطر، كان الجمهور هو المنتخب الحقيقي؛ منظّم، راقٍ، حضاري، حاضر بقوة، حتى جعلنا ننسى – للحظة – ما يحدث داخل الملعب.
لماذا لا يغيّر الاتحاد استراتيجيته؟
لماذا لا يركّز على إعداد الجمهور بدلًا من إعداد الفرق؟
فبهذا الجمهور:
• نضمن جوائز “أفضل جمهور”.
• نحصد ألقابًا لا تحتاج إلى لياقة ولا خطط.
• نُعوّض خروجنا صفر اليدين بجوائز وشهادات تقدير.
وربما – مع الوقت – نمنح بجائزة “أفضل جمهور”
وقد يتم الاستعانة بنا في دوري أبطال أوروبا، طالما أن اللعب داخل المستطيل الأخضر ليس ضمن الأولويات.
وقبل الختام… :-
لا أقنعة بعد اليوم
هذه بدائل للمشاركات ، والتصفيات ووجع الدماغ ولا مزايدة ولا هم يحزنون
وهذا كشف حساب.
قراءة هادئة لكتابٍ مليء بالإخفاقات، كتابٍ كتبه الاتحاد بنفسه، وسلّمه للجمهور دون أن يقرأه.
والحقيقة – مهما أُجِّلت – لا تسقط،
لكن الأقنعة… نعم، تسقط.
وأهلك العرب قالوا:
جَزى اللهُ الشدائدَ كلَّ خيرٍ
وإن كانت تُغصِّصُني بريقي
وما شكري لها حمدًا ولكن
عرفتُ بها عدوّي من صديقي»
والله المستعان
