حرب الكرامة والوجود!!
محمد الطيب كبّور
عودة منصة “الصّفوة” للعمل، ليس من أجل تناول تخصصها الرياضي فقط، وإنما لدعم الوطن في حرب الكرامة والوجود، التي مارست فيها مليشيا آل دقلو كل أنواع الفظائع، التي لم نسمع بمثلها في التاريخ، ولم نتصورها حتى في أسوأ الكوابيس، والتي سببت أكبر أزمة نزوح ولجوء في العالم داخليًا وخارجيًا، وما تزال المليشيا مستمرة في اعتداءاتها على الأحياء والقرى الآمنة، والآن بعد عام كامل وسبعة أشهر ما زالت الأيام تحسب في العام الثاني للحرب الدائرة في السودان، وقد تكشفت الحقيقة كاملة أمام المواطن البسيط، الذي حاولت مليشيا آل دقلو في البداية إيهامه بأنها قادمة لرعاية مصالحه وتوفير حياة كريمة له، رافعة شعارات الحرية والسلام والعدالة، ومتخذة من كلمة ديمقراطية سبيلًا لذلك، ولكن على أرض الواقع يختلف الأمر كثيرًا، مع الانتهاكات التي يندى لها الجبين، حيث مارست المليشيا المجرمة فظائع بحق الشعب السوداني في أي منطقة دخلوها، من نهب وقتل واعتداء بالضرب، على الرجال والنساء والشباب وحتى الأطفال، وعطلوا الحياة تمامًا في كل مناطق سيطرتهم، ونتيجة لذلك غابت جميع الخدمات، بتوقف المستشفيات ومحطات المياه والكهرباء والمواصلات، وتضاعفت معاناة المعيشة بعدم توفر الكثير من السلع الاستهلاكية الضرورية، مع ارتفاع خرافي في الأسعار، في ظل عطالة تامة فرضت على المواطن، وإذا بالناس يسيِّرون حياتهم من مدخراتهم على قِلّتِها، والمواطن المحظوظ هو من كان لديه عائل مغترب، والحوالات من الخارج باتت الحل الأمثل في ظل تأزم الأوضاع، وحتى هذه أصبحت غير مأمونة بعد قطع شبكة الإنترنت، قبل أن يصير الستارلينك الحل البديل، وبالطبع هو لم يغطي كل المناطق، والوصول لمنطقة فيها جهاز ستارلينك عملية محفوفة بالمخاطر، في ظل وضع أمني بالغ التعقيد، فالناس أصبحت تتحاشى الحركة إلا في حدود ضيقة، في وضع أشبه بالسجن المفتوح دون القدرة على الهروب منه، لأن السؤال الذي ظل يؤرق الجميع هو “نمشي وين؟”.
والكل مرتبط بالأرض وبممتلكاته التي حصل عليها باجتهاد السنين، وفوق هذا وذاك تكوين الأسرة نفسه لا يسمح بالهجرة “كبار السن وصغار السن وبينهم مرضى”، وحتى الذين اتخذوا القرار الصعب وهاجروا، واجهوا مشاكل كثيرة منها الإيجار والعفش والعمل، لذا فإن الغالبية تمسكوا بالبقاء رغم خطورة الأوضاع، مع أن التعايش مع هذه المليشيا المارقة مستحيل تمامًا، فهم ليسوا بشر ولا عهد ولا أمان لهم، ولكن عدم توفر الخيارات، جعل الكثيرون يختارون الخيار الصعب لأنهم مجبرون على ذلك، في حربٍ استهدفت وجودهم وكرامتهم.
نواصل..