وحل الخيانة!!
محمد الطيب كبّور
المشهد عصيٌ على الوصف، لأن مستوى الخراب والدمار كبير جدًا، وأنا هنا لا أعني المباني لأن إعادة ترميمها في غاية السهولة، ولكن الخراب الحقيقي هو ذاك الحقد الكبير الذي أظهره الكثيرين، من الذين حسبناهم أخوة وجيران لنا، جمعتنا بهم كل الملمات “أفراح وأتراح”، وكنا نتقاسم معهم كل شئ لكنهم غدروا بنا ووقعوا في وحل الخيانة، وكأنهم كانوا ينتظرون هذه الفرصة.
وكم هو مؤلم أن يصل إلى مسامعك، أن فلان الفلاني الذي كان يقاسمنا كل شئ في الحي ما هو إلا سارق، بعد أن أجبرتنا الحرب على الخروج من ديارنا، ولم تشفع لنا عنده جيرتنا ولم تثنيه عن سرقة شقانا وتعب السنين، وهو ينتقل كل يوم من منزل إلى آخر يسرق كل شئ والعيون ترصده، وليت المصاب كان في شخص واحد أو شخصين لكانت الصدمة خفيفة علينا، لكنه عدد ليس بالقليل ومن بينهم نساء، وبصورة مكررة في أحياء كثيرة.
ذات الوجع تمدد، حتى أنه زاد من الألم الذي نعيشه في هذه الأيام، لكننا لم نجد سبيل سوى الصبر، وثقتنا في رحمة الله لا تحدها حدود، وأن كل ما نفقده الآن بإذن الله لن يضيع، وسنكون خصوم يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون، عندما نلتقي عند رب كريم ونطالب حينها بالقصاص العادل.
حتمًا ستضع الحرب أوزارها، لأن الكرب مهما اشتد فإنه سينتهي والبلاء سيزول والحق سينتصر، وكل الذي فقدناه يمكن تعويضه “إذا سلم العود اللحم بجود”، المهم الآن دحر الغزاة وإنهاء التمرد، بعد أن انكسرت شوكته تمامًا، وانتهى مشروعهم الماثل في السيطرة على الدولة السودانية.
وأصبحوا عبارة عن مجموعات نهب، لا تقوى على مقارعة الجيش السوداني، الذي تصدى لقوة تقدر بمئة وعشرين ألف مرتزق، مدججين بالأسلحة والعتاد والتجهيزات الكبيرة، من أجل حرب اختاروا توقيتها وأعدوا العدة لها، وهم داخل العاصمة مؤتَمَنين على مواقع استراتيجية فيها، والجيش حينها لم يكن يتعدى بحساب الألوف أصابع اليد الواحدة، وإن تعداها فإنه لن يكمل اليد الأخرى.
لكن رحمة الله وعنايته كانت حاضرة، ثم عزيمة الرجال الأبطال الذين فدوا الوطن بأرواحهم، نسأل الله أن يتقبلهم شهداء وأن يربط على قلوب أسرهم، والحمدلله على نعمة تعافي الوطن من دنس المليشيا، وبإذن الله نصرٌ من الله وفتح قريب وتعافي لكامل الوطن، ونتفرغ حينها لمحاسبة أولئك الغدارين الخونة، الذين ساندوا التمرد اللئيم وقدموا له كل العون، وساهموا في إطالة أمد الحرب، وخانوا العشرة بسرقتهم لمنازلنا، التي ستكون شاهدة عليهم يوم لا ينفع مال ولا بنون، حينها سنقتص منهم مع التأكيد على ملاحقتهم في الدنيا بعد إعلان النصر.
بدأ التحرير السوكي والدندر ثم سنجة، والآن محاور مهمة جدًا تشهد تقدم جيشنا الباسل، والمليشيا أيامها إلى زوال بإذن الله، وسيعود الوطن وهو معافى من دنس المجرمين، لتبدأ نهضة حقيقية تضع السودان في مكانه الطبيعي.
مجرد سؤال
الحرب بتخلص المتعاونين حاتمشوا وين؟