النّجم الثّاقب

المنقذ.. حازم مصطفى

د. طارق عوض سعد

الشهادات في شأن الأقربين مجروحة، لكن يحضرني مجد الاعتماد على العقلاء من دهاقنة المريخ، لأنهم من الوعي بمكان في أن وجع الحقيقة، حقيق بفيوض الموئل المحبة للآراء والسلال النقية، والوجه الآخر لهذا الرجل، وهناك الكثيرين بطبيعة الحال لم يألفوا صبح وجهه الآخر.

“الرجل الوطن”

صحيح أن مساحات التلاقي معه وجهًا لوجه كانت بالمريخ العظيم، بيد أنني حاضرٌ في سوح الوطن الفسيح، بحيث إنني التقيته مرارًا وتكرارًا عبر واجهات أعماله الأخيار تجاه الوطن، ولم أكن قد التقيته بعد.

مجاهداته قبل الحرب في دعم القوات المسلحة، وعلو كعبه في رفدها بالجعل الأكبر من عموم المؤن، التي ساقها الله من قبل وحازم من بعد في خزينة قواتنا المسلحة، كنت أقرأ وأبتسم “يا لهذا الرجل”.

الخرطوم العاصمة المترهلة، التي لا تضحك إلا لمامًا، احتفاءً بفضيلة العيد السعيد، وفي ضاحية عصماء على تخوم جبل الأولياء، هناك وجوه فقيرة متعبة أرهقتها المسغبة، أجد خراف الأضاحي تملأ المكان قدسية، بينما أقف فاغرًا فيّ دهشة “من اين لهم؟”، أحدهم يقول إنه حازم، ثم سريعًا استطرد الذكريات واحتدام ماضي المكرمات لذات الرجل، بذات الفضل دون منٍ أو أذى.

كل هذا البذل بالفرضيات السماح، تصلح لبناء وضخ فضيلة الزكاة وأثرها في إيماض ظلمات المعسرين، عبر دراسة أكاديمية عليا، تحقيقًا لذروة سنام “ويؤثرون على أنفسهم ولو كانت بهم خصاصة”.

لعله وفي هذا الزمن الصعب يوشك المرء أن يكون حاويًا، لو أنه حاول زرع ابتسامة على وجه أم ثكلى أو شيخ وقور، لكن هذا الهميسل زرعها على حفيف أحياء جبل الأولياء، ودار السلامات وما أدراك ما دار السلامات، على رُبا وجه طفل أكبر أمانيه حلوى تغازل فمه النضر، فعلها هذا القسيم ولو أنه أراد ماتعة الدنيا ليمّم شطر وجهه، نحو المنشية والمعمورة والمهندسين والصافية ووو..

ثم هاتفًا ما، أن إكس من الناس عليل، ويا له من صدّيق، بعضهم يسبقهم الفضل قبل صدقيّة أو عدميّة البعض، وحتمًا تلك مستقاة من إلياذة رئيس جمهورية الحب القائم ود إسحاق الحلنقي “لو وشوش صوت الريح يسبقنا الشوق قبل العينين”.

كل هذه الضمادات ولم ألتقيه بعد، كنت استلهم بنات الأفكار ونوازل الأقمار ولواقح الشمس في جريانها، واستعصاء إدراكها للقمر، واعتناق القمر نفسه في استحالة لياليه إدراك النهار.

عكفت زمنًا غير يسير، ليس لافتراضي أن أجد مخرجًا لمكرمات الرجل، بقدر ما ألفيت أن البلاد بطهرها المفقود تفتفد مثل هكذا فرقد.

ثم جاء المريخ بكل عظمته ووقاره واحمراره القاني فابتسمت، اسم المريخ هكذا مطلقٌ دون تجميل، يمنحني رخ وحائط صد لجلالة النجمة، وزادني تيهًا وابتسامًا أن ذا الهميسل، عيانًا بيانًا يتوثب سفينة الأنقياء الحمراء.

حينها كانت السفينة خرقاء، “أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملكٌ يأخذ كل سفينةٍ غصبًا”.

كان قضاء الحق عز وجل أن تغتصب السفينة، “إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودًا”.

يالسقياك أيها النورس، لكأنك مغزل التائهين في عبث المسافات النائحة، في طرائق العطشى دحضًا للسراب المقيم، أتيت كأنك بائع العطر بتضواعك الأريج، ووهبت كل مريخيٍ أشم سؤله.

ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، بعضنا كأهل جيفارا أزعجهم الرجل وأزعج أنعامهم، حتى حفروا للخيانة بئرًا إثر بئر.

والآن وقد تبدد الظلام، واشتد إيضاح الأغنيات والأمنيات والبشريات، تسرجني الآمال وضيئة أن لا خيار في المصطفين الأخيار.

إلا المُنقذ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: محمي ..